قدم وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة ليلة البارحة واجب العزاء لأسرة الفنان الراحل سامي إحسان الذي وافته المنية صباح أمس السبت، وسأل الله بأن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهم الجميع الصبر والسلوان. فيما حضر مراسم العزاء في يومه الأول العديد من الأدباء والمثقفين السعوديين، الذين ربطتهم بالفقيد علاقات وطيدة طوال مشواره الفني الحافل الذي قدم فيه للوطن خلاصة تجربته، وأسهم في تشكيل الحراك الفني السعودي المعاصر، حيث تقدم هؤلاء الشاعر الكبير إبراهيم خفاجي والفنان غازي علي والفنان محمد المغيص والفنان طلال باغر والفنان محمد حمزة والشاعر سعود سالم والفنان عبدالله رشاد وغيرهم من الأسماء. «عكاظ» تحدثت مع ابنه الفنان محمد إحسان فأوضح أن هذه مشيئة الله، الذي لا يحمد على مكروه سواه، موضحا أنهم أمام هذا المصاب الجلل لا يملكون إلا الدعاء لوالدهم الذي أولاهم اهتماما، شاكرا كل الاتصالات التي تلقاها وتلقتها الأسرة لتقديم التعازي من أصحاب السمو الملكي الأمراء والمعالي الوزراء والمسؤولين. ومن جانبه أشار الشاعر إبراهيم خفاجي أن فقدان الملحن والأخ والصديق سامي إحسان رحمه الله، خسارة للحراك الفني السعودي والعربي. أما الفنان محمد المغيص فأوضح أن الملحن سامي إحسان أحد الرموز الكبرى التي اعطت بزخم كبير في المحافل المحلية والعربية وأسهم في تحريك كل ركود قد يطرأ في الساحة الفنية السعودية عبر اعماله الراسخة في ذاكرة الأغنية السعودية. وكان الأوساط الثقافية والفنية قد فجعت عند الرابعة من صباح أمس برحيل الموسيقار السعودي الكبير سامي إحسان عن 70 عاما، حيث إنه من مواليد 1942 م / 1362 ه، وجاءت وفاته وهو في منزله وبين أبنائه، بعد مسيرة طويلة مع الفن والحياة، أثمرت الكثير من الإبداعات التي لا يمكن أن تبارح الضمير الفني لبلادنا بحال من الأحوال، وسامي إحسان الذي نعرف أن هناك من هم أكبر منه مكانة وتاريخا في عالم الموسيقى في المملكة، ومن هم دونه فكرا موسيقيا وعطاء، إلا أنه وبلا شك الأكثر تأثيرا وفعالية وإيجابية، والأكثر عطاء وثراء في هذا المجال، وهو واحد من الذين عملوا بصدق واحترافية دون النظر إلى عائد مادي أو حتى مكانة اجتماعية و«برستيج» ... وما إلى ذلك، وبلا شك هو كذلك، هو الاسم الأهم، إلى جانب رفيقيه سراج عمر ومحمد شفيق رحمه الله من جانب، وطلال مداح ومحمد عبده كملحنين من جانب آخر، هذه الأسماء الخمسة هي من صنع ضميرا فيه الكثير من الصدق للموسيقى السعودية في سبعينيات وثمانينيات القرن الميلادي الماضي. و هذه التوليفة هي من صنعت الأغنية السعودية الحديثة بعد جيل الرواد، منذ الثلث الثاني من القرن العشرين أصحاب المبادرات الأولى في تكوين شخصية الموسيقى السعودية: طارق عبدالحكيم، وعبدالله محمد وغيرهما. وفي عودة إلى الراحل سامي إحسان يرحمه الله نجد أنه بلا شك الأكثر ثراء موسيقيا، إذ لا تكاد تدندن بنغمة ذات صلة بالأرض، إلا وتجد أنه ذو علاقة بها إذا لم يكن هو مبدعها، كيف لا وهو ابن حيين من أعرق أحياء جدة وأثراها فنا «الهنداوية»، حيث ولد ونشأ و«الرويس»، حيث سكن، وهو رجل مستقل بأسرة جديدة أصبح قوامها أبناء عديدين. ودليل وجود نفس سامي إحسان في الموسيقى السعودية نجده ونحن ندندن مع حنجرة طلال مداح يرحمه الله ألحان سامي إحسان المنسابة منها، مثل «مرت ولا حتى تلتفت، السعودية حبي أنا، يا أرض الحب يا أرض السعودية ، في عيونها شيء، خذيت القلم، ما على الدنيا عتب، تعالي .. ياللي نورت الليالي، أبكتب لك رسالة حب، مر الزمان، طال السكوت بينا وكان ودي لك أشكي، قلت ذا برق تكاشف ثم ناض، أهليبك أهليبك، فات الأوان، جمعتنا الظروف، هيلة ياهيلة، يا سامعين الكلام»، وبموسيقاه أيضا طالما رددنا مع حنجرة فنان العرب محمد عبده «سهر والدنيا نعسانة، مالي ومال الناس، أنت محبوبي، الله على ما صار، مع التقدير، القمر طالع، علم التوحيد، يعتادني عيد الفرح، قلب تلوعه... وغيرها». وفاته فجر أمس عن وفاته، يقول ابنه الأكبر إحسان سامي إحسان إنه تلقى اتصالا من والدته، يقول: عليك أن تعجل، توفي والدكم، وجدناه بجوار سريره يرحمه الله، وقبل أن أصل كان إخوتي قد أخذوه إلى المستشفى المجاور للبيت متوفى، وذلك للتأكد من الحالة. ويضيف إحسان «كنت والوالد نستعد لقضاء مشوار عمل في الثامنة صباحا، إلا أنه كان على موعد مع القدر يرحمه الله. حتى أنني وإياه استعددنا ليكون خروجنا بثياب العيد التي كنا سنخرج بها لأول مرة، بعد استخدامنا لها في العيد». وكان قد سبق سامي إحسان في الرحيل رحمهما الله الفنان الكبير محمود خان، وهو الصوت السعودي الأول الذي انطلق في أغنية عاطفية لأول مرة من الإذاعة السعودية عند تأسيسها، حيث توفي بعد معاناة كبيرة مع مرض السرطان انتهت برحلة علاجية في باريس التي عاد منها بطائرة إخلاء طبي في أوائل رمضان،