أعجبني تصرف مدير دائرة (حكومية) خدمية وحصافته المتناهية وقت كنت عنده وإذ بأحد موظفيه يسأله هل أعطي المراقب الفلاني محروقات، واستطرد بأن المراقب ليس لديه مركبة تتبع للإدارة فعاجله المدير إذن هو يستخدم سيارته الخاصة في جولاته الميدانية فرد الموظف بالإيجاب فامتعض المدير قائلا للموظف ضاعف حصته فالتقصير من الإدارة لكونها لم تستطع تأمين مركبة لهذا المراقب فهل تريدنا أن نبخس حقه مرتين فلعلنا بهذه الزيادة نعوضه عن تقصيرنا... يا له من تصرف حكيم لكن رغم غبطتي بهذا التوجه السديد والمنصف إلا أنني تذكرت أن ثمة موظفين يحرمون أحيانا من علاواتهم السنوية دونما جريرة أو تقصير فمعلوم للجميع أن العلاوة السنوية تتوقف بتوقف الترقية أو ما يعرف بسلم الترقية ولا تستأنف إلا بعد الحصول على الترقية وبكلمة أوضح مربوطة بالترقية الأمر الذي يرهق ميزانية مصروفات الموظف وتحديدا ذوي الدخل المحدود فالمائة ريال أو أكثر قليلا التي توقفت فجأة تؤثر على إنفاقه خصوصا إذا علمنا أن الغلاء يزداد وباضطراد، الأمر الذي يستحق الاستفاقة.. فما ذنب هذا الموظف كي تتوقف علاوته ؟!. ألا يكفي أنه لم يحصل على ترقيته المكتسبة المستحقة نظاما طالما أنه استوفى مسوغات الترقية، أليس بالأحرى أن تضاعف علاوته تعويضا عن تأخير ترقيته على غرار ما فعله صاحبنا المدير عوضا عن حرمانه من كلتيهما (الترقية والعلاوة!).. ما يجب أن يعرفه الجميع أن جل هؤلاء الذين حرموا من علاواتهم السنوية لا تهمهم الترقية بقدر ما يضيرهم توقف العلاوة المشفوعة بالترقية وأخص ذوي المراتب الصغيرة فهم أكثر ما يهمهم أن يغطي راتبهم مصروفاتهم الضرورية فهذه العلاوة البسيطة والمتواضعة في نظر البعض تردف هؤلاء الموظفين فتوقفها يشكل هاجسا مؤرقا يرهق ميزانيتهم ويستنزف جيوبهم، ولنضرب مثلا (وهذا حاصل ويحصل كثيرا) أن موظفا من ذوي الدخل المحدود أي راتبه خمسة آلاف ريال فما دون رزق بابن رابع أو خامس أو حتى ثاني وتصادف قدوم شهر رمضان ويعقبه عيد الفطر وموسم دراسي يتخلله عيد الأضحى وتوقفت علاوة هذا الموظف منذ سنوات كيف سيتصرف ؟، هذا دون الحديث عن حلول إيجار مسكنه لنتخيل لو تأخرت علاوته لسنوات قادمة ورزق بابن أو بنت أخرى وبطبيعة الحال الأعياد ومواسم الدراسة سوف تتوالى وكذا الإيجار والغلاء مستمر في شراسته وتغوله.. ماذا عسانا أن نتصور كيف سيتصرف هذا الموظف تحت وطأة وقساوة هذه الظروف والمتغيرات بل قل كيف يعاركها إن جاز التعبير.. هذا أقل القليل مما يعانيه هؤلاء الموظفون من ضنك جراء توقف العلاوة السنوية قد لا يستشعر مرارته وقسوته الآخرون لذا بات من الضروري والمحتم فك الارتباط بين العلاوة والترقية فالأخيرة قد نتفهم وربما نبرر وإن على مضض تأخرها ومسوغات استحقاقها لكن العلاوة لا نجد ما يبرر توقفها أو إرجاءها. [email protected]