من كانت أيامه تتوالى على مرجل من القلق والتوتر، تصير أحلى أمانيه العثور على ثغرة في الأيام يهرب منها إلى حيث الطمأنينة والسكون النفسي بعيدا عن الآلام وأوخازها وأرقها. أيام العيد تعد من ثغرات الأيام الجميلة التي يرقبها الراغبون في الهرب من واقعهم إلى لقاء حالم مع الفرح المفقود، حيث الطبيعة المشرقة بالجمال والنشوة الساحرة. مايوركا الجزيرة الإسبانية الفاتنة يتحقق فيها ذلك الحلم. في مايوركا تحفك الوجوه البشوشة تغسل محياك بابتساماتها الودودة، تشعرك أنك مرحب بك دون أن يؤذي أذنيك سيل كلمات ترحيب زائفة خالية من الروح والدفء. في هذه المدينة المرحة تحس أنك تعيش مهرجانا من الحب والجمال يظل يذرع عروق قلبك ويتأرجح بسعادة مع تردد نبضاته، رائحة النظافة تملأ الطرقات ويغتسل بها ماء البحر وتعكسها على وجهك أشعة الشمس، تتأمل مسحورا طيور النورس ترفرف بأجنحتها تلاعب الموج في البحر الكريستالي، والقوارب الشراعية الصغيرة تتمايل بدلال فوق الماء اللازوردي ناشرة أشرعتها البيضاء كفراشات حائمة. تستوقفك سمكة صغيرة (غير أنانية) التهمت بشراهة قطعة خوخ سقطت عفوا من يدك ثم ركضت تنادي رفيقاتها ليشاركنها الوليمة الفاخرة، يمتلئ الماء من حولك بالسمك الملون يرقص منتشيا بوجبته المفاجأة. كل ما يحيط بك ينبض بالجمال الفطري كما خلقه الله، تجري النشوة في عروقك وترتشف طعم الحياة بلذة، ناسيا أنك منذ أيام لم تشاهد نشرة أخبار واحدة ولم تلمح عينك خبرا يذكرك بما تركته خلفك من مآسي العالم وفواجعه. حين يهطل المساء تشتعل المدينة الديناميكية بالحياة، فمن عادتها أن لا تنام وضيفها صاحٍ، بإمكانك أن تجوب أسواقها ومقاهيها ومطاعمها إلى ما بعد منتصف الليل، فهي تظل ساهرة معك لا يصيبها ملل ولا تشكو من تعب تعانق السائحين بحب وبراءة، وإن كانت لا حظوة لها عند السائحين العرب، إلا أنها قنص السائحين الذين ينشدون الخلو إلى أنفسهم بعيدا عن العيون. تتجول في طرقات المدينة، فتشم رائحة أسلافك العرب تتسلل إلى أنفك، تنتعش رئتك بشذى الرائحة تحملها إليك نسائم التاريخ، وتسري نشوة غريبة في عروقك حين يطالعك قصر الموداينا بفنائه المكشوف وأسوده الرابضة عند مداخله ونوافيره المنتصبة تغسل عن ذاكرة الزمن ما طمسته انتكاسات الأيام، تطوف في أرجاء القصر مبهور الأنفاس، وحين تتلقفك الحديقة الملحقة به، حيث تتعانق نوافير الماء وشذى الورد يخيل إليك أن أذنك تلتقط همس ابن زيدون يناجي ولادة: (والله ما طلبت أهواؤنا بدلا ... منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا)!! بعد أن ينتصف ليل مايوركا الطويل يصافح سمعك الصمت الحالم، وأنت مسترخ في مقعدك في الشرفة المرتفعة أعلى الجبل، ترنو إلى المدينة مضطجعة في استسلام تحت أقدام شرفتك، وقد خلعت عنها ثوب النهار وارتدت قميصا من فضة مطرزا بنجوم الليل المتناثرة، فيدب خدر لذيذ في عروقك يحمل راحة الإحساس بالسلام والسكون، تتثاءب المدينة بحنان وتمد فوق صدرها لحافا من ضوء القمر لتنام وادعة في أحضان البحر تغطيهما أشجار الزيتون. فاكس 4555382-1 للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة