بينما اكتسح الهوس الأولمبي العالم في الأسابيع الأخيرة، تحولت الدولة المضيفة، بريطانيا العظمى، إلى استعراض نادر للابتهاج العام. والواقع أن النجاحات التي أحرزها «فريق بريطانيا العظمى» أسفرت عن فيض مفاجئ من مشاعر الابتهاج الوطني أشبه بالنصر في الحرب. ما هو السر وراء النجاح الأولمبي إذن؟ روبرت سكايدلسكي، أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة «وارويك»، عضو مجلس اللوردات البريطاني أجاب على التساؤل بقوله: لقد تحول حصد الميداليات إلى هدف للبحث العلمي والمساعي الوطنية. والنتيجة الأكثر لفتا للنظر هي أن عدد الميداليات الذهبية يمكن توقعها بالاستعانة بمتغيرات رئيسية هي: عدد السكان، ونصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي، والأداء السابق، ووضع الدولة المضيفة. أما كل العوامل الأخرى - هياكل التدريب المختلفة، والمعدات الأفضل، وما إلى ذلك - فهي مجرد عوامل ثانوية تماما. ويضيف أن تأثير السكان والناتج المحلي الإجمالي واضح: فارتفاع عدد السكان يزيد من احتمالات بروز عدد من الرياضيين الذين يتمتعون بمواهب طبيعية تؤهلهم للفوز بالميداليات، والناتج المحلي الإجمالي المرتفع يعني أن الدولة لديها المال اللازم للاستثمار في البنية الأساسية والتدريب المطلوب لرعاية الرياضيين. وهنا يبرز سؤالان، أولا: لماذا يتعين على أية دولة أن تركز على حصد الجوائز على حساب منافع أخرى مرغوبة؟ وثانيا: هل من الممكن نسخ صيغة «انتقاء الفائزين» في الرياضة لاكتساب النجاح التنافسي في التجارة الدولية؟ الإجابة على التساؤل الأول ليست واضحة. فقد يزعم خبراء الاقتصاد أن الأموال التي تنفق على التعليم، والإسكان، والرعاية الصحية تجلب قدرا أعظم من «الرخاء» مقارنة بالأموال التي تنفق سعيا إلى الحصول على الميداليات. وعندما نضع كل الأمور في الحسبان، فإن الرياضة في النهاية وسيلة للترفيه؛ أما الأمور الأخرى فهي من الضروريات. بيد أن هذه الحجة تتجاهل تأثير النجاح الرياضي على المعنويات الوطنية. فالدولة التي تتمكن من تحقيق النجاح في مجال من المنافسة السلمية تتمكن من تقديم أداء متفوق في مجالات أخرى.