ينتظر الليبيون تقديم سيف الإسلام نجل الرئيس السابق معمر القذافي للعدالة مطلع شهر سبتمبر المقبل في محاكمة يتوقع أن تكون أشهر محاكمات ثورات الربيع العربي، ويرجح أن تقوده إلى حبل المقصلة لإعدامه شنقا. تأتي محاكمة سيف القذافي في بلدة الزنتان حيث تحتجزه مليشيات مسلحة منذ القبض عليه في نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، بعد شد وجذب بين السلطات الليبية ومحكمة الجنايات الدولية. وسينظر ثلاثة قضاة ليبيين، واثنان من محامي الادعاء القضية التي من المتوقع أن تستمر لمدة قد تصل إلى ستة أشهر، إذ سيتم استدعاء عشرات الشهود من مختلف أنحاء البلاد لتقديم الأدلة. علما أن المتهم يرفض حتى الآن تعيين محام ليبي للدفاع عنه. وحسب مكتب المدعي العام الليبي فإن الأدلة التي جمعها المكتب صلبة وستسبب صدمة للعالم. وتتضمن تسجيلات صوتية ومقاطع فيديو ووثائق مكتوبة، وتصريحات أدلى بها سيف الإسلام لقنوات تلفزيونية فضائية إبان الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام والده الذي استمر لأكثر من أربعة عقود. وتأخر تقديمه للمحاكمة بسبب إصرار الحكومة الليبية الانتقالية على محاكمته في العاصمة طرابلس، في وقت يرفض ثوار الزنتان الذين يحتجزونه تسليمه خشية أن يؤدي ذلك إلى هروبه بمساعدة من متعاطفين معه، أو معاملته برأفة. وكانوا ألقوا القبض على المحامية مليندا تايلور المكلفة من قبل المحكمة الجنائية الدولية بالدفاع عنه للاشتباه في تورطها في عملية تجسس بعد أن مررت له رسالة من محمد إسماعيل أحد أصدقائه المقربين ومعاونيه السابقين. ويمكن أن تكشف محاكمة سيف الإسلام الكثير من الخفايا عن نظام القذافي. فهو كان الأقرب بين إخوانه من والده الذي حكم ليبيا بيد من حديد، وكان لا يتورع عن تصفية من يقف أمام طموحاته مهما كان. وتورط في دعم الكثير من حركات التمرد في دول القارة الأفريقية ما جعل الكثير من القادة الأفارقة يتقربون منه اتقاء لشره. ووصل الأمر إلى تنصيبه «ملكا لملوك أفريقيا». وسيف الإسلام الذي ولد في عام 1972م هو الابن الثاني للقذافي من زوجته الثانية صفية فركاش. وأثارت شخصيته الكثير من الجدل. خاصة بعد خطاباته النارية ولقاءاته الصحفية إثر اندلاع ثورة 17 فبراير. يتهمه الكثيرون بالفساد واستغلال النفوذ. وأصدرت محكمة الجنايات الدولية مذكرة بتوقيفه في يونيو 2011. واعتقل مع مرافقيه في منطقة صحراوية قرب بلدة أوباري الواقعة على بعد 200 كلم غربي مدينة سبها في التاسع عشر من نوفمبر في العام نفسه. لكن مؤيديه كانوا ينظرون إليه باعتباره إصلاحيا صاحب مشروع طموح يطلق عليه اسم «مشروع ليبيا الغد» ويهدف سياسيا إلى إخراج البلاد من العزلة الدولية المفروضة عليها، واقتصاديا لترميم التصدعات التي حدثت في الاقتصاد الليبي، واجتماعيا لإطلاق العنان للشباب ليبدعوا ويتألقوا دون قيود.