يتحرج الكثير من تقديم صيام الست وهو التطوع على قضاء فرض رمضان لمن كان من أهل القضاء والأعذار، فيتساءلون: أيمكن تقديمنا للتطوع على الفرض رغبة في الحصول على أجر الست لأن الوقت لا يسعف الجمع بين الصيامين؟، ويستفسر آخرون: أيمكن الحصول على أجر الست الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله) بتقديم الكفارة دونما الصيام؟، في حين تتساءل فئة أخرى: هل أستطيع تأجيل صيام الست إلى بعد شوال، وذلك لانشغال البعض بصيام الفرض أولا، وهل من صام بعض الست له إكمال ما تبقى بعد شوال؟. فمن جانبه، أوضح عضو هيئة التدريس في جامعة طيبة الدكتور عبدالله الرحيلي أن من التضييق والتضييع للناس إلزامهم قضاء الفرض قبل التطوع خصوصا في ظل تواجد أفراد لا يستطيعون الجمع بين الفرض والتطوع في شهر واحد، مؤكدا أنه «لا يوجد دليل يوجب قضاء الفرض قبل التطوع وإنما هو استدلال فيه نظر، فقضاء رمضان فيه متسع لكن الست من شوال فوقتها محدود»، مبينا أن تقديم الفرض على التطوع صحيح في جملته بيد أن الأمر هنا مختلف، فالإنسان لم يقصد بتأخيره الفريضة إلغاءها، بل الحصول على أكبر أجر ممكن، مؤكدا أن هذه مسائل اجتهادية لا ينبغي إقفال بابها أمام الناس. ثواب الصيام وقال أستاذ الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور صالح السدلان: إن صيام الست من شوال لا يكون أبدا إلا في الشهر المحدد له، وأن صيامه في غيره تضييع للأجر، وإن كان الإنسان معذورا بالقضاء. ولفت إلى عدم وجود كفارة تمكن الإنسان إن لم يسعفه الوقت لصيام الست الحصول على أجرها المذكور في الحديث: (من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر)، مشيرا إلى أن من صام بعض الست ولم يستطع إكمالها لانتهاء الشهر لا يحقق له الأجر المذكور كما عليه الراجح والصحيح وإنما يثاب على الأيام التي صامها. مضاعفة الحسنات وأكد الداعية الإسلامي الشيخ محمد صالح المنجد أن صيام ست من شوال سنة مستحبة لا واجبة، ذاكرا مشروعية صيام المسلم للست لما تحويه من فضل عظيم قائلا: إن أجرها يعادل صيام سنة كاملة كما جاء من حديث أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر). وبين تفسير النبي لهذا الأجر بقوله عليه السلام (من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة) إضافة إلى أن الحسنة تضاعف عند الله، كما فسر المنجد صيام الست بمعادلتها السنة بأن الله جعل الحسنة بعشر أمثالها وشهر رمضان واحد بعشرة أشهر وستة أيام من شوال متممة للسنة. ولفت المنجد إلى بعض الفوائد المهمة لصيام الست، كتعويض النقص الحاصل في صيام الفريضة، إذ لا يخلو الصائم من حصول تقصير أو ذنب مؤثر، كما أنه في يوم القيامة يؤخذ من نوافل العبد كالصيام وغيره لجبران نقص الفرائض. لا إثم فيه أما الأستاذ في المعهد العالي للقضاء الدكتور محمد النجيمي، فأوضح أن هناك من الناس من هو مرتبط بظروف وأعمال، ولا يتسنى لهم الجمع بين صيام الست والقضاء إن كان من أهل القضاء فيتشغلون إن كان القضاء طويلا عن صيام الست لذا نجدهم يتساءلون: هل يمكن تقديم صيام الست لأن وقتها محدود وتأجيل القضاء؟، فأقول لهم إن الحنابلة يقولون لابد من تقديم الواجب أما قول الإمام الشافعي بأن هذه من ذوات الأسباب التي يجوز تقديمها، يعني يجوز تقديم صيام الست من شوال قبل الفرض، لأن وقتها محدد ولا يأثم الإنسان عند تقديمه سنة على واجب، حتى وإن مات دون أدائه الفرض، لأن الله سبحانه وتعالى قال في محكم تنزيله (فعدة من أيام أخر)، فتأخير الفرض لا شيء فيه، والموت قبل أدائه لا إثم فيه، شرط ألا يخرج عن وقته المحدد كدخول رمضان الآخر والشخص لم يصمه.