لا شك أن المسلم مطالب بالمداومة على الطاعات، والاستمرار في الحرص على تزكية النفس، فمن أجل هذه التزكية شرعت العبادات والطاعات، وبقدر نصيب العبد من الطاعات تكون تزكيته لنفسه، وبقدر تفريطه يكون بعده عن التزكية. فالصوم من تلك العبادات التي تطهر القلوب من أدرانها، وتشفيها من أمراضها ،لذلك فإن شهر رمضان موسم للمراجعة، وأيامه طهارة للقلوب، وتلك فائدة عظيمة يجنيها الصائم من صومه، ليخرج من صومه بقلب جديد، وحالة أخرى. وصيام الست من شوال بعد رمضان فرصة من تلك الفرص الغالية، حيث يقف الصائم على أعتاب طاعة أخرى، بعد أن فرغ من صيام رمضان. كان ل(الدين والحياة) وقفة لجلاء ذلك. تقديم الواجبات بداية قال الأستاذ في كلية الملك فهد الأمنية وعضو لجنة المناصحة الدكتور محمد النجيمي: لا يجوز صيام الست في غير هذا الشهر، ومن صام في غيره فقد خالف حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل فيه: (من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله)، فصيامها لا يكون إلا في هذا الشهر فقط. فهناك من الناس من هو مرتبط بظروف وأعمال، ولا يتسنى لهم أن يجمعوا بين صيام الست والقضاء، إن كان من أهل القضاء، فيخافون أن ينشغلوا بصيام القضاء، خصوصا إن كان القضاء طويلا، عن صيام الست من شهر شوال، لذا نجدهم يتساءلون: هل من الممكن تقديم صيام الست لأن وقتها محدود وتأجيل القضاء إلى ما بعد ذلك، فأقول لهم إن الحنابلة يقولون لابد من تقديم الواجبات لكني أذهب إلى قول الإمام الشافعي، أن هذه من ذوات الأسباب وذوات الأسباب يجوز تقديمها، يعني يجوز تقديم صيام الست من شوال قبل الفرض لأن وقتها محدد. فالإنسان لا يأثم إذا قدم السنة على الفرض، ثم مات دون أداء الفرض، ذلك لأن الله سبحانه وتعالى قال في محكم تنزيله (فعدة من أيام أخر)، فتأخير الفرض لا شيء فيه، شرط ألا يخرج عن وقته المحدد كعدم صيام رمضان إلى رمضان الآخر. وأضاف: إن الموت قبل أداء الفرض لا إثم فيه إذا لم ينته وقته.. مستشهدا على ذلك بصلاة الظهر في جدة والتي يبدأ وقتها نحو الساعة الثانية عشرة والنصف لتنتهي في الساعة الثانية، فإذا أراد الإنسان أن يصلي الظهر الساعة الثانية لكنه مات في الواحدة، فهذا لا يمكن أن نقول إنه آثم، لأن الوقت واسع له فله أن يقضيها إلى الساعة الثانية، لكنه لم يأخذ بالأصل، وهو تقديم وقت الصلاة لذلك فالأصل تقديم صيام الفرض على النفل، ولا شك أن صيام ست من شوال من المستحبات ومن لم يصمها فلا شيء عليه. فضلها كبير إلى ذلك أشار رئيس قسم الدراسات الإسلامية في كلية الآداب في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة الدكتور أحمد محمد عزب إلى أن هناك الكثير من المسلمين يحرصون على صيام ستة أيام من شوال لفضلها الكبير، إلا أن منهم من لا يستطيع صيامها لعذر شرعي فيتساءلون: كيف يمكننا صيامها والحصول على أجرها ونحن لا نستطيع الصيام.. فهل نتصدق مثلا عن كل يوم بإطعام مسكين؟.. هذه من الأخطاء السائدة، فصيام الست من شوال ليس واجبا فهو سنة من السنن والإطعام لا يكون إلا في صيام الواجب، فكثير من الناس يحرصون على الأجر إلا أنهم لا يستطيعون صيام هذه الأيام لعذر أو عارض وإن كان في نياتهم صيامها، فالله كريم يعطي من صدقت نيته الأجر والمثوبة حتى وإن لم يصمها؛ لأن الأعمال بالنيات. التفريط في الفروض من جانبها قالت أستاذة العقيدة في جامعة أم القرى الدكتورة حياة باخضر إن الخلاف في أفضلية صيام الفرض على الست أو تقديم النفل عليها قد قتل بحثا من قبل الفقهاء قديما وحديثا، ويتلخص خلافهم في اثنين: أولهما وهو الأفضل أن يقدم القضاء على النفل إبراء للذمة، وثانيهما جواز تقديم النفل على القضاء لضيق وقت الست من شوال واتساع الوقت في ما بعد للقضاء. فمن المهم أن يبحث الإنسان في أمور دينه، ويجدد المواظبة على الصيام بعد رمضان ويحيي الإخلاص من جديد، فمن الخطأ أن يكون صيامنا للنوافل عادة أو رياء، ولابد أن تكون كل أعمالنا خالصة لله باتباع النبي صلى الله عليه وسلم . وتساءلت قائلة: هل رغبنا أولادنا على صيام الست وهل حرصنا على الاقتداء في هذا الصيام بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ نحن كمسلمين أصبح منا من يسارع في السنن التي يريدها كيفما يشاء ثم يجد في نفسه متسعا للتفريط في الفروض والسنن الأخرى.