يخيم الغموض حاليا على سوق العقار السعودي بعد 3 سنوات من المضاربات التي ادت الى ارتفاعات ملموسة في الاسعار بنسبة 70 في المائة، وذلك في انتظار بدء تطبيق برامج التمويل والرهن العقاري خلال الاشهر المقبلة . وتتفاوت الآراء بشأن اوضاع السوق لتصل حد التضارب العنيف، ففي حين يرى بعض العقاريين ان السوق يشهد طفرة نوعية لكثرة الطلب، يرى آخرون ان الركود يخيم على الاوضاع بدليل كثرة العروض في مختلف المكاتب بدون اقبال حقيقي على الشراء لوجود مبالغات في الاسعار . في البداية قال العقاري خالد المبيض ان المضاربات العنيفة التى شهدها السوق العقاري في السنوات الماضية أدت الى زيادات كبيرة في الاسعار بنسبة تتراوح بين 50 70 في المائة، مؤكدا ان هذا النهج يضر بالسوق والبسطاء الراغبين في الحصول على وحدة سكنية بسيطة تحميهم من الايجارات الملتهبة . وشدد على اهمية الدور الذى يمكن ان ينهض به المطورون العقاريون في تحريك النشاط العقاري من خلال التطوير واقامة الوحدات السكنية التى تسهم في زيادة المعروض واحداث التوازن المنشود بين العرض والطلب حتى تستقر الاسعار . ودعا الى اهمية الشروع بتطوير اراضي المنح التى تم توزيعها منذ سنوات طويلة دون ان يتم استخدامها مشيرا إلى اهمية الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص في ذلك . من جهته راى خالد بن عبدالعزيز الغامدي رئيس طائفة العقار في جدة ان الطلب على العقار في ارتفاع مستمر في السنوات الاخيرة نتيجة الزيادة السكانية، مشيرا الى ان المملكة بحاجة الى 150 الف وحدة سكنية سنويا على اقل تقدير . ورأى ان الركود خلال موسم الصيف يعد امرا طبيعيا مشيرا الى وجود محفزات عديدة في السوق حاليا من ابرزها زيادة قروض الصندوق العقاري الى 500 الف ريال وكذلك زيادة اعداد القروض الى اكثر من 36 الف قرض سنويا . ودعا وزارة الاسكان الى ضرورة التحرك سريعا لانجاز مشروع النصف مليون وحدة سكنية الذى تم رصد 250 مليار ريال له معربا عن امله في تفعيل وتيرة الانجاز حتى تكون الوزارة عند حسن ظن القيادة . وشدد على اهمية ان تركز الوزارة على الجانب الاشرافي والرقابي وتترك الانجاز للقطاع الخاص. من جهته رأى الاقتصادي محمد العنقري ان السوق العقاري يعيش حالة من الركود منذ سنوات مشيرا في هذا السياق الى كثرة العروض في مختلف المكاتب العقارية وقلة المشترين الفعليين . وقال ان الفيلا التى كان سعرها قبل سنوات 500 الى 600 الف ريال قفز سعرها الى مليون ريال واكثر من ذلك، مشيرا الى ان سوق العقار السعودي يتميز بالتماسك لكثرة الطلب الذى تجاوز مقدرات غالبية الموظفين. واستغرب القفزة الكبيرة في اسعار الاراضي حتى باتت تشكل اكثر من 50 في المائة من تكلفة الوحدة السكنية، مشيرا الى ان هذا الامر يشير الى حالة من التضخم الواضح للجميع حاليا. ورأى ان تطبيق برامج الرهن والتمويل العقاري في الفترة المقبلة يجب ان يرتبط بمراجعة اسعار الفائدة المركبة والتثمين العقاري العادل الذى يراعي مصالح جميع الاطراف حتى لا يؤدي ذلك الى موجة تضخم سعرية جديدة. ودعا الى التوازن في تطبيق البرامج الجديدة حتى لا يؤثر ذلك على مستويات الاسعار، مشيرا الى ان الرهن العقاري معمول به منذ سنوات طويلة في البنوك ولكن على نطاق ضيق للغاية. فيما قال الخبير العقاري الدكتور عبدالله المغلوث إن جميع المؤشرات تشير إلى توجه سوق العقار في المملكة على انخفاض، «ومن تلك المؤشرات انعدام المصداقية عن الصفقات التي تتم بين تجار العقار، معتبرا ما يحدث في سوق العقار من تضخم بالفقاعة التي ستنفجر في النهاية، وبخاصة بعد التوجه إلى التوسع في مخططات المنح الذي أمر به خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وألزم بأن لا تعطى المنح إلا بعد أن تكون مطورة وصالحة للسكن حتى يستفيد منها أصحاب الدخل المحدود. وأشار إلى أن نظام الرهن العقاري سيسهم بشكل كبير في توازن السوق العقاري وبخاصة أنه يشهد تضخمات غير مبررة وتعتبر أرقاما هشة لا قاعدة لها قد تنخفض في أي وقت. ودعا إلى ضرورة تطوير الأراضي والمخططات لتكون صالحة لبناء المساكن وليس المضاربة فيها، كما يحدث الآن، مؤكدا أن هناك دورة اقتصادية تحدث في مجال العقار، إذ تنخفض الأسعار بعد أن تصل إلى أرقام كبيرة مثل ما حدث في عام 2006، فيما دعا من أراد شراء أراض من أجل الاستثمار من التفكير والتأني، في ظل التضخم الحالي وأن معظم المقبلين على الشراء هم من راغبي البناء والسكن لتخوفهم من استمرار الزيادة في أسعار الأراضي. من جهته، قال المهندس محمد بابحر الخبير العقاري والمثمن المعروف: إن القطاع العقاري يعتبر أحد أهم أركان الاقتصاد المحلي ويحتل المرتبة الثانية في مكونات الاقتصاد الوطني بعد قطاع البترول، ولا شك أن القرارات التي صدرت اخيرا تأتي في إطار حرص خادم الحرمين الشريفين على مواطنيه بالدرجة الأولى وتوفير سبل الراحة والرخاء وستؤدي إلى كبح جماح ارتفاع الأسعار في العقارات والإيجارات، وهذا ليس في صالح أطراف القطاع العقاري. وأكد أن القطاع العقاري مقبل على نقلة نوعية كبيرة في المرحلة المقبلة وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الوطني، مشيرا إلى أهمية تجاوز التمويل في هذا القطاع الحيوي والمهم إلى التغلب على مشكلات التمويل للقطاع العقاري من خلال الصناديق المتخصصة أو من خلال الجهاز المصرفي والتركيز بقوة أكبر على تأهيل الكوادر الوطنية التي يحتاجها القطاع العقاري.