شدد خادم الحرمين الشريفين على ضرورة الحوار بين أبناء هذا الوطن الكبير والابتعاد عن كل ما يفرق، وذلك في كلمته الأخيرة التي هي امتداد لتوجيهاته الكريمة السابقة بهذا الشأن.. والحوار كان وسيكون له دور كبير في تعزيز الوحدة الوطنية والانتماء والتقريب بين وجهات النظر العديدة التي لن تختلف في حب الوطن.. وموجها حفظه الله بالاستمرار على هذا النهج الحِواري، وعلى كل ما من شأنه أن يكرس حب الوطن ويوحد المجتمع والرؤى، وبالتالي الابتعاد عن التصنيفات المذهبية والفكرية والمناطقية، وعن استخدام لغة التصنيف والإقصاء، التي لا تليق بمجتمع نشأ على تعاليم وقيم الإسلام السمحة الوسطية. هذا التوجيه الكريم لم يأتِ من فراغ وإنما جاء بعد تزايد تلك الحروب الطائفية الصغيرة والمناطقية، في بعض القنوات الإعلامية ومنابر التواصل الاجتماعي: في تويتر وخلافه، وما نتج عنه من توتير وتوتر للبعض، والتي قادها بعض الشيوخ والمثقفين وسكبوا البنزين على النار بدلا من احتوائها.. مع الأسف الشديد. وبالتالي علينا كمثقفين ومؤسسات وطنية العمل ضمن هذه الخطوط العريضة التي وجه بها الملك، والموجودة أصلا في النظام الأساسي للحكم، والأهم تفعيل هذا التوجيه، أي بوجود قوانين ملزمة للكل للكبير والصغير، تلاحق وتجرم بحزم كل من قام بعمل أو قول ينهش في اللحمة الوطنية، وهو ما نتوقعه ونأمله من وزارة الثقافة والإعلام. ففي الدول المتقدمة، لا مجال للاجتهادات والنيات الطيبة، هناك أنظمة تنظم كل شيء وتعاقب الذي يتجاوز بقول أو فعل ويهدد السلم الأهلي حتى لو كانت نكتة عابرة. أو يشكك في الاضطهاد والتصفية العرقية لليهود (هولوكوست). ويدرك الجميع بأننا لا نعيش في جزيرة معزولة عن العالم، إننا تحت النظر والمنظار، وعلينا الاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي سنت النظم المدنية منذ عقود وجرمت وتجرم العنصرية بأشد العقوبات. نعم لن نختلف في حب الوطن. لكن نختلف في كيفية حب الوطن؟، وفي تلك الثقافة الضيقة الأفق التي تجعل البعض يرى الوطن محصورا في إقليمه أو مدينته الصغيرة. ولا يرى في الناس إلا أفراد قبيلته!، ومن ثم ترديد شعار الذي ما فيه خير لأفراد قبيلته ما فيه خير للناس، خاصة ونحن في القرن الواحد والعشرين الذي يرى معيار الإنسان يكمن في المواطنة الصالحة التي تقوم على مبادئ الكفاءة والعطاء والصلاح والتميز.. وليس بعشيرته أو طائفته أو منطقته، وقال أبو الطيب المتنبي : لا بقومي شرفت بل شرفوا بي وبنفسي فخرت لا بجدودي.. الشاهد، أن ذلك التوجيه الملكي يجب أن يأخذ شكل القانون الصارم والملزم والملاحق، لكل من يحاول شق صف الوحدة الوطنية وازدراء المذاهب والأديان.. و(الوطن للجميع) شعارنا الذي يجب أن نردده ويكون عنوانا دائما لمركز الحوار الوطني والمؤسسات الثقافية. قال جمال الدين الأفغاني: (خائن الوطن من يكون سببا في خطوة يخطوها العدو في أرض الوطن). وكل يوم وأنت في عيد يا وطني. [email protected]