كانت أحياء جدة القديمة تحمل في طياتها مظاهر عفوية ما زالت مترسخة في الأذهان وتتمثل في الليلة اليتيمة وسور الحارة ودفتر المعايدة وفي الراهن فإن أمانة جدة تشرف هذا العام ولأول مرة على برامج وأنشطة ومظاهر الفرح والاحتفالات بالعيد في بعض أحياء جنوبجدة، من خلال المتابعة وتجهيز الأماكن والإشراف عليها. استذكر أعيان جدة أعياد السابق وكيف تحولت وتغيرت طوال تلك السنين، حيث يقول عمدة الصحيفة والكندرة السابق الشيخ مبارك التميمي 75 عاما: إن جدة كانت عبارة عن حارة واحدة يجمعها سور وحيد لا يتجاوز طوله كيلو مترا واحدا تسمى حارة اليمن والمظلوم والشام، وكانت ليلة العيد تسمى بالليلة اليتيمة، حيث ينام كل أهالي الحارة بعد أن قاموا بمعايدة الحواري مشيا على الأقدام مع الأطفال وكانت أبرز المظاهر هي رقص المزمار والصهبة، وتستمر هذه الفعاليات لمدة أربعة أيام، وبعد مرور سنوات تأسست عدد من الحارات مثل الكندرة والرويس والعمارية والصحيفة كانت تسمى ضواحي جدة، كانت تتزاور خلال العيد، ومع مرور الوقت وعدد السنوات تطور الحال حتى أصبحت الزيارات معدودة بسبب التقنيات الحديثة التي فرقت بين الناس. ومن جانبه قال عمدة حارة اليمن والشام عبدالصمد محمود، أن فعاليات الاحتفالات بالعيد خلال الأعوام السابقة بمجهودات شخصية والآن أصبحت على مستوى أوسع، وفي هذا العام تختلف الاحتفالات بإشراف أمانة محافظة جدة عليها بتوفير مواقع مخصصة لها، حيث قامت في منطقة باب شريف بإعداد أماكن للفعاليات لجميع الجاليات الباكستانية واليمنية والشامية وغيرها من خلال مسارح وأماكن مجهزة. وأضاف العمدة عبدالصمد أن مظاهر العيد تبدأ بعد إطلاق مدافع العيد، حيث يتم قبلها شراء أدوات العيد والحلوى والمأكولات، حيث يأخذ كل رب عائلة أطفاله إلى مصلى العيد وبعد انتهائها ومعايدة المصلين يتم زيارة المقابر والدعاء لها ثم التوجه إلى كبير العائلة ثم زيارة بقية العائلة. ثم تنطلق العائلة إلى المراجيح والمدارية التي تنصب قبل العيد بثلاثة أيام، ويجتمع خلالها بقية الأهالي لحضور المزمار والصهيبة، ثم يعودون إلى منازلهم للنوم، ثم يرابط العمدة وبعض رجالات الحي لحماية الحارة في «الليلة اليتيمة» ثم ينطلقون في اليوم الثاني والثالث والرابع بنفس المنوال. مشيرا إلى أن المعايدة في السابق لم تقتصر على وجود صاحب المنزل، حيث تفتح الأبواب لجميع المعايدين وتجد الحلوى والكالونيا والدفتر الذي يسجل فيه أسماء المعايدين، ولكن كل هذه الطقوص اندثرت مؤخرا بسبب التقنيات الحديثة ورسائل الجوال.