من المؤكد أن القمة الإسلامية الاستثنائية التي عقدت على بعد أمتار من رحاب البيت العتيق. في أجواء روحانية. واختتمت في ليالٍ مباركة من الشهر الفضيل. حققت الهدف الرئيسي لعقدها وهو تعزيز التضامن الإسلامي. وكانت فرصة نادرة لقادة الدول الإسلامية. للبحث والتداول المستفيض في شؤون الأمة وهمومها، وكيفية إيجاد تصور إسلامي مشترك للخروج من دائرة الأزمات والوصول إلى مرحلة الانفراج ووحدة الصف. ومن أبرز ماتمخضت عنه القمة دعوة خادم الحرمين الشريفين في كلمته الافتتاحية للقمة تأسيس مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية مقره الرياض. حيث لقي هذا الاقتراح أصداء واسعة في أرجاء العالم الإسلامي، وقبولا منقطع النظير لأهمية هذا المركز في تقريب وجهات النظر بين أتباع المذاهب، والدور الجبار الذي سيقوم به في سبيل توحيد الصف الإسلامي في هذه الظروف التي تمر بها الأمة الإسلامية. لقد استشعر خادم الحرمين الشريفين بحكمته وحنكته ما يجري من اختلافات بين الأمة، وأطلق المقترح التاريخي لتجنيبها الصراعات المذهبية المتراكمة. خاصة أن الملك عبدالله المعروف بمبادراته السلمية يؤمن أن الحوار هو الوسيلة الوحيدة لحل الخلافات، ونستذكر جيدا إطلاقه مقترح حوار الأديان الذي لاقى قبولا عالميا قبل سنوات. ودعوته إلى إنشاء مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية تشكل خطوة كبيرة واستراتنيجية لمواجهة الفتن التي تهدد أمتنا، وتقريب وجهات نظر علمائها خاصة في هذا الظرف الدولي والإقليمي لتجنيب الأمة الإسلامية الصراعات المذهبية. ان إنشاء مركز الحوار بين المذاهب الإسلامية سيساهم في ترسيخ قيم الحوار وتكريس معاني التسامح للدين الإسلامي، وسيؤدي إلى تلاقي الأفكار، وإنهاء الفرقة والوصول إلى الوحدة والتضامن اللذين تنشدهما الأمة الإسلامية من أجل لم شمل المسلمين. ومن المؤكد أن مركز الحوار بين المذاهب سيمكن العلماء من مختلف المذاهب إلى الوصول إلى كلمة سواء، وقواسم مشتركة فيما بينهم لإنهاء حالة من الفرقة والصراع المذهبي والطائفي. إن مقترح الملك عبدالله جاء بمثابة الترياق للأمة الإسلامية؛ ليقطع الطريق على من يريد إثارة الفتنة بين الشعوب الإسلامية،حيث يضع الحوار المرتكزات الأساسية لتعزيز التضامن الإسلامي، وترسيخ مفاهيم التسامح والتعايش بين الشعوب الإسلامية.