أكد اقتصاديون أن موافقة مجلس الوزراء البارحة الأولى على تأسيس لجان في الأمانات لتنسيق المشروعات خاصة الكبرى، من شأنه أن يسهم في تحريك مشاريع متعثرة تقدر تكاليفها بأكثر من تريلون ريال خلال السنوات الأربعة الماضية، وفقا للاحصائيات التي أعلنها المشاركون في ملتقى إدارة المشاريع المتعثرة في منطقة مكةالمكرمة في مايو الماضي. وقالوا: إن تعثر الإنجاز في المشاريع الحكومية بات القاعدة الأساسية في 99 في المائة من المشاريع، فيما أصبح من النادر أن ينتهى أى مشروع حكومي في موعده أو متأخرا لعام واحد على أقل تقدير. ورأوا أن نجاح هذه اللجان مرهون بالصلاحيات والفعالية التي ستمنح لها، ومستوى المشاركة من مختلف الجهات الحكومية فضلا عن الابتعاد عن البيروقراطية والروتين الحكومي. وقال خالد بن شاكر المبيض المدير العام لشركة بصمة لإدارة العقارات: إن اللجان المقترحة لتنسيق المشاريع يجب أن تضم مسؤولين تنفيذين من مختلف القطاعات الحكومية، على أن يتمتعوا بصلاحيات كبيرة لحل أي معوقات في إنجاز المشاريع بشكل سريع وفعال بعيدا عن البيروقراطية المعتادة في الأجهزة الحكومية. وأشار إلى أن المملكة تعاني منذ سنوات طويلة من ظاهرة تعثر انجاز المشاريع التنموية والخدمية مما يؤثر بشدة على مصالح المواطنين وثقتهم في الأجهزة الحكومية وقدرتها على الانجاز، وذلك على الرغم من تأكيد خادم الحرمين الشريفين على المسؤولين بتلك الجهات ضرورة الالتزام بالمواعيد المحددة للمشاريع وعدم الاضرار بمصالح المواطنين خاصة في ظل توفر التمويل اللازم، مقدرا عدد المشاريع الحكومية المتعثرة في مختلف المناطق حاليا بأكثر من 4 آلاف مشروع تقدر تكاليفها بأكثر من تريليون ريال، مؤكدا أن الوضع الراهن يسبب ارباكا لخطط التنمية المختلفة. من جهته، دعا الاقتصادي المهندس صالح حفني لجان تنسيق الأمانات إلى ضرورة جدولة المشاريع المتعثرة حاليا، على أن تعطى لها الأولوية في التنفيذ، مشددا على ضرورة الزام الجهات الحكومية بطرح مشاريعها بعد استيفاء كافة المتعلقات الخاصة بها مثل صكوك الملكية والتصاريح اللازمة والتأكد من وضع كيابل الخدمات في موقع المشاريع. وأبدى استياءه الشديد من التغيير المستمر في طبيعة المشاريع بعد طرحها على المقاولين، مشيرا على وجه الخصوص إلى أن 90 في المائة من مشاريع وزارة الصحة أعيد تصميمها في السنوات الخمسة الأخيرة وهو الأمر الذي أدى إلى تعثر انجاز بعضها لأكثر من 4 سنوات كاملة. وطالب الاقتصادي الدكتور عبدالله المغلوث بضرورة اعادة النظر في آلية طرح المشاريع على المقاولين، مشيرا إلى احتكار بعض الشركات المعروفة لغالبية المشاريع بدعوى الثقة في أدائها وامتلاكها الامكانات اللازمة، منتقدا آلية ترسية المشاريع على الشركات ذات العروض الأقل، مؤكدا على ضرورة وجود عرضين لكل مشروع الأول مالي والثاني فنى يركز على المواصفات الفنية للتنفيذ، ويتم الاختيار استنادا إلى العاملين وليس العرض الأقل كلفة فقط. وطالب المغلوث لجان الأمانات المزمع انشاؤها بضرورة تفعيل الرقابة السابقة واللاحقة على المشاريع حتى تخرج بمعدلات جودة عالية وبدون تأخير يفوق كل المعدلات العالمية على الرغم من توفر الاعتمادات المالية في المملكة. وأكد المهندس تركي التركي خبير تطوير الأعمال والمشاريع أن مشكلة المشاريع في المملكة تتلخص في عدة عوامل أهمها نظام المشتريات الحكومية، والذي وصفه بالعقيم (طريقة الترسية ونظام التعاقد والإشراف والاستلام)، ومنها أيضا مشاكل المقاولين (التأهيل والتمويل والعمالة والمستخلصات)، وكذلك ضعف أنظمة الرقابة والمتابعة على الجودة والإنجاز وقلة وضعف التأهيل للكوادر التي تباشر الإدارة والمتابعة، ويضاف لما سبق عوامل أخرى أقل تأثيرا، والسؤال ماهي علاقة إنشاء وزارة للأشغال بهذه العوامل؟ ماهي الحلول التي ستقدمها هذه الوزارة لهذه العوامل؟ خاصة أنه كان لدينا وزارة للأشغال قبل عدة سنوات ولم يكن الحال أفضل. واستعرض التركي صناعة الإدارة الحديثة في الدول المتقدمة التي تقوم على اللامركزية في التنفيذ مع إحكام المتابعة والرقابة، وقال: «نحن في الإدارة الحديثة نبحث عن معوقات الحركة أو ما يسمى بعنق الزجاجة (Bottleneck) لنقوم بفتحها وتوسيعها فتزداد الحركة ويخف الاحتقان، وتتحرك العمليات بانسيابية مثل فتح طرق ووسائل مختلفة للمواصلات لضمان سهولة الحركة والانسيابية بدلا من إجبار الجميع على استخدام طريق واحد مركزي للتنقل، وهذا هو الذي سيحدث لو نفذت كل المشاريع من خلال إطار تنظيمي واحد كوزارة الأشغال.