أكد عدد من المختصين في قضايا التجارة والاقتصاد ل«عكاظ»، وجود حاجة ماسة للتواصل وتبادل المعلومات التجارية والقدرة التنافسية بين مختلف الدول والاقطار الإسلامية لإيجاد أرضية مشتركة يمكن أن يقوم عليها تكامل اقتصادي ما بين تلك الدول والأقطار، خصوصا أن الدول الإسلامية تمتلك نحو 73 % من الاحتياطي العالمي من النفط، وتنتج 38.5 % من الإنتاج العالمي، كما تملك نحو 40 % من الاحتياطي العالمي من الغاز الطبيعي، ويلاحظ أن 90 % من صادرات هذه المواد تتم كمادة خام غير مصنعة، إضافة إلى تملك دول العالم الإسلامي وشعوبه لبيئات غنية بمختلف نوعيات الموارد الطبيعية والبشرية، مؤكدين أن ذلك التكامل أصبح ضرورة تفرضها متغيرات العصر الحديث الذي يعيشه العالم ويتطلب إيجاد إرادة سياسية راغبة في تخطي العقبات التي تقف دون ذلك التكامل. تعاون تجاري من جانبه، قال مدير مركز الاقتصاد الإسلامي السابق استاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز بجدة الدكتور نجيب الغزالي: إن التعاون التجاري عادة يبدأ عبر عمليات تجارية صغيرة تتطور الى إيجاد أنظمة ومنظومات تجارية كالاتحاد الجمركي وهو ما تفتقده حتى الان دول وشعوب العالم الإسلامي ما بينها البين. وأضاف: إن أكثر المشاكل التي لازالت تعيق العمل التجاري ما بين دول العالم الإسلامي هي نقص التواصل وتوفر المعلومات الصحيحة والحقيقة لإمكانات الدول الإسلامية ومتى ما توفرت اليات جيدة للتغلب على تلك المشكلة سيكون العالم قد خطا خطوة كبيرة في الإتجاه المأمول ويكفي الإشارة الى أن قضايا مثل توفير التمويل الميسر للتجارة البينية ما بين دول العالم الإسلامي لازالت شاغلا يشغل بعض الجهات القليلية التي ينبغي أن تعنى بذلك الجانب كالبنك الإسلامي للتنمية الذي تتطلب منه المحلة الحالية وضع شروط أيسر وأسهل من الشروط المتعارف عليها في تمويل الأعمال التجارية المعتادة. وختم الدكتور الغزالي بمطالبته بوجود المزيد من التقارب وتبادل المعلومات التجارية ومنح المزيد من التسهيلات لكي تتمكن الدول الإسلامية من الوصول لتطلعات الشعوب المسلمة في كافة المعمورة من حيث التكامل التجاري. الإرادة السياسية أما استاذ العلوم السياسية في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور وحيد هاشم فأوضح أن أكبر العقبات التي تقف دون وجود كيان اقتصادي إسلامي متكامل هي فقدان الإرادة السياسية التي على ضوئها يمكن اتخاذ قرار سياسي مشترك يعطي فرصة البدأ بتكتل اقتصادي إسلامي مشترك وقال الدكتور وحيد هاشم: إن تكون كيان اقتصادي إسلامي بحجم كبير لن يكون دون تحديات للكيانات الاقتصادية العالمية الكبرى إذ يتم تصنيف الدول الإسلامية ضمن مجموعة البلدان النامية، فهي تعاني من التخلف والتبعية، والنشاط الاقتصادي فيها متعثر، لذلك فإن التجارة البينية بين الدول الإسلامية يمكنها أن تؤدي إلى نجاح منظومة التكامل الاقتصادي بينها ما يؤدي إلى تحسين مستوى الأداء الاقتصادي والنهوض باقتصاداتها، ومن ثم قد يشكل تهديدا للمصالح الاقتصادية للدول الصناعية المتقدمة التي ترغب أن تبقى الدول الإسلامية سوقا لتصريف منتجاتها وموردا لمصادر للطاقة والمواد الخام ولكن متى ما قرر زعماء العالم الإسلامي البدأ ولو بمنظومة أعمال تجمع عددا من الدول الإسلامية تجاريا مع إبقاء الباب مفتوحا لإنضمام المزيد من دول العالم الإسلامي فسيكون في ذلك خطوة جبارة في طريق إيجاد كيان إقتصادي متكامل ما بين دول وشعوب العالم الإسلامي. تعويض النقص وعلى صعيد متصل، أكد الدكتور علي التواتي أن هناك نقص كبير في الهيئات والإدارت المنظمة للتاون التجاري ما بين دول العالم الإسلامي ولتعويض ذلك النقص فمن الضروري أن يتم التوجه الى دعم التكامل الاقتصادي ما بين شركات ومؤسسات القطاع الخاص في الدول الإسلامية عبر منح الإعفااءات الضريبية وتخفيض الضرائب الجمركية وسن تنظيم متكامل تبدأ بموجبه استراتيجية صناعية وتجارية برؤس أموال تقوم عليها هيئات ربحية تدار بأسس تجارية بين مختلف الدول والاقطار الإسلامية على غرار الشراكة التي تمت مؤخرا ما بين المملكة وجنوب أفريقيا، حيث تم إنشاء شركة برأس مال يبلغ 4 مليار دولار من مهامها الرئيسة أن تكون مظلة للإستثمارات ما بين مؤسسات وشركات القطاع الخاص في كلا البلدين ودراسة جميع الفرص المتاحة إضافة الى تبني جميع المبادرات لدى القطاع الخاص فيهما . وقال الدكتور التواتي يجب على دول العالم الأسلامي إعادة النظر في سياسة المنح والهبات وتوجيهها الى الى سياسة إستخدام تلك المنح والهبات الضخمة الى أعمال تجارية وصناعية مشتركة توفر العمل الشريف للمسلم في بلده وتقضي على البطالة في المجتمعات الإسلامية وبدلا من سياسة إعطاء الجائع رغيفا من الخبز ينبغي على دول العالم الإسلامي تبني سياسة منح صنارة وتعليم مهنة تعود بالفائدة على الشخص المسلم وتجعل التكامل والتقارب الإسلامي أمرا واقعا ملموسا ومعاشا لا حلما وأمنية يتطلع اليها. التجارة البينية الجدير بالذكر، أن الجلسة الاستثنائية الثالثة للقمة الإسلامية بتخويل اللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي لمنظمة التعاون الإسلامي (الكومسيك) بمواصلة زيادة حجم التجارة البينية فيما بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي إلى 20 % من إجمالي حجم التجارة لدى البلدان الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، في موعد أقصاه نهاية برنامج العمل العشري، أي عام 2015. ويعد نظام الأفضليات التجارية فيما بين البلدان الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي أحد المشروعات الهامة التي تقوم بها الكومسيك في حين أن أخر أن نسبة حجم التجارة البينية بين الدول الأعضاء بالمنظمة قد ارتفع إلى 18.17 % حسب مركز البحوث الإحصائية والاقتصادية والاجتماعية والتدريب (سيسرك) التابع للمنظمة والذي يتخذ من أنقرة مقرا له. وترصد إحصاءات مركز «سيسرك» نشاط التبادل التجاري حتى شهر أيلول/سبتمبر 2011 ، كما يذكر أنه من بين الخمسة وسبعين بلدا الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، ثمة أربعون بلدا عضوا في منظمة التجارة العالمية حاليا، من بينهم ثلاثة عشر عضوا ممن يتمتعون بصفة مراقب.