تطغى أحداث سورية على مشاعرنا في هذا الشهر الكريم وعلى المشهدين العربي والعالمي. يتزايد قتل الأشقاء بما في ذلك قتل الأطفال الذي أخذ حيزا كبيرا من حوادث القتل في الثورة الوطنية السورية الراهنة. يستمر قصف بيوت المواطنين بالمدفعيات الثقيلة ويستمر تهجيرهم على يد بشار الأسد وحزبه وأعوانه. ما أبشع أن يقوم الحاكم والجيش بقتل مواطنيهم ودك المنازل على أبناء جلدتهم. تضج المساجد في بلادنا بالدعاء لله العلي القدير بنصرة المجاهدين وحفظ الأبرياء العزل من المواطنين السوريين والإسراع بكتابة نهاية نظام بشار الجائر وتخليص سورية منه وتنشط حملة التبرع الوطنية السعودية وهما أقل ما يمكن عمله نحو الأشقاء السوريين وإن كان لا شيء يمكن أن يكلأ جراح الثكالى والأيتام والنازحين في غربتهم الذين فقدوا الدار والأمان. يتفطر القلب لمعاناتهم في هذا الشهر الذي كنا نرجو أن يسوده السلام والروحانية في كافة أرجاء الوطنين العربي والإسلامي. تكبر الثورة السورية في حجم خسائرها وطول أمدها، ويستمر الموقف السلبي للعالم نحوها خاليا إلا من الشجب والتنديد. وتبقى جوانب من هذه الثورة تثير القلق حول إمكانية اشتعال الطائفية الدينية أو الحزبية السياسية لا قدر الله في صراعات أهلية لا معنى لها إلا إطالة المعاناة وزيادة الخراب والدمار. أستعين بالشعر لتخفيف الحسرة والقلق على الوضع السوري. أرجع إلى أبيات من قصيدة أمير شعراء أحمد شوقي التي قالها في نكبة دمشق عام 1926م حين هب السوريون للكفاح في وجه فرنسا المستعمرة. «سلام من صدى بردى أرق ودمع لا يكفكف يا دمشق ومعذرة اليراعة والقوافي جلال الرزء عن وصف يدق وبي مما رمتك به الليالي جراحات لها في القلب عمق ألست دمشق للإسلام ظئرا ومرضعة الأبوة لا تعق صلاح الدين تاجك لم يجمل ولم يوسم بأزين منه فرق بنيت الدولة الكبرى وملكا غبار حضارتيه لا يشق له بالشام أعلام وعرس بشائره بأندلس تدق بلاد مات فتيتها لتحيا وزالوا دون قومهم ليبقوا وللأوطان في دم كل حر يد سلفت ودين مستحق وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق» المعاناة شبيهة بالماضي ولكن الكفاح ليس ضد المستعمر الخارجي بل ضد الظلم والاستبداد. أما النكبة فليست مقتصرة على دمشق بل تشمل كافة المدن السورية. ارجع إلى أبيات من قصيدة أخرى يقول شوقي فيها: «مررت بالمسجد المحزون أسأله هل في المصلى أو المحراب مروان آمنت بالله واستثنيت جنته دمشق روح وجنات وريحان» ولا ينسى أمير الشعراء أن يذكر أبناء الشام بوحدتهم الوطنية وضرورة نبذ خلافاتهم بقوله: «الملك أن تتلاقوا في هوى وطن تفرقت فيه أجناس وأديان» وأختتم بما يفسر عمق وقع المأساة السورية علينا: «ونحن في الشرق والفصحى بنو رحم ونحن في الجرح والآلام إخوان»