لابد من أن يلاحظهم العابر، في سوق شعبية منزوية، أو على باب جامع كبير يشهد زخماً من المصلين، وأحياناً قليلة يجولون ببضاعتهم المتواضعة في الطرقات، يفرشون أعواد السواك إلى جانبهم وقد اتخذوا أماكنهم على قارعة الطرقات بلا تكلف أو حرج، ووسائلهم البدائية التي لا تتعدى حزمة أعواد سبيلهم الوحيد لمواجهة متطلبات الحياة. توحي مظاهر باعة السواك الخارجية بعفوية التعامل، غالبيتهم سعوديون من كبار السن، عفوية مظهرهم وخطابهم وشعرات بيضاء تكسو رؤوسهم خلطة ناجحة في كسب «جيب الزبون»، وتسيير الحياة البسيطة برضا لولا شبح أمانة الطائف الذي يهددهم باعتبارهم باعة جائلين «محظورين»، يمارسون مهنة البيع بطرق تصفها ب«العشوائية» البعيدة من أعين الرقابة. يتحدث المواطن ضيف الله الحارثي أحد باعة السواك القدامى إلى «الحياة» عن مهنته التي رافقته منذ 17 عاماً بأريحية ورضا، «بسبب متغيرات العصر التي جذبت الناس إلى كل جديد، أضحى باعة السواك موضة قديمة». يقول الحارثي: «إن باعة السواك يعيشون حالياً نوعاً من الصراع مع تلك المستجدات والمتغيرات، لكنهم كسبوا شيئاً من رهان المنافسة، من خلال استقطاب زبائن منتظمين على رغم بساطة عدتهم»، مؤكداً اعتياده الخروج يومياً لبيع السواك، ويصل الأمر به حد التعب النفسي عند توقفه يوماً واحداً عن هذه المهنة لأي سبب، مضيفاً «العملية قريبة إلى «الإدمان» المفيد لارتباطها بتحقيق أرباح معقولة، واللقاء بزملاء المهنة الذين يناهزون ال50 من العمر». أما زميله في المهنة المواطن حسن العوفي فبدا ساخطاً على بعض من يلتصق بمنهته ويسيء إليها، لا سيما العمالة الوافدة التي تمارس الغش والتدليس من خلال مزج السواك بكميات من المياه لساعات عدة، وخداعهم للزبائن بأنها قطفت قريباً، ما يدفعهم إلى الشراء. ويؤكد العوفي حرصه وزملاؤه من كبار السن أصحاب الضمائر الحية كما يصفهم، على مصارحة الزبائن بحقيقة الغشاشين وطرقهم، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن «تنظيم هذه المهنة بشكل مناسب وحضاري سيضع حداً للمخادعين، ويسهم في توافر فرص عمل للعاطلين، ويحافظ على بقاء عادة السواك الحميدة وانتشارها، في ظل عزوف الكثير من أبناء الجيل الحالي عنها، واستبدال المستحضرات الكيماوية بها، ما يهدد صمودها مستقبلاً».