أصبح الزحام المروري في جدة أمرا مرهقا للإنسان .. وظاهرة معطلة للتنمية. أزمة مرورية خانقة تعاني منها مدينة جدة وسكانها وزوارها .. أصبح معها إنسان جدة يتحاشى الخروج من منزله ويفكر ألف مرة قبل أن يقدم على الخروج لقضاء حوائجه خشية أن يعلق في اختناق مروري يأتي على أعصابه ويهدر وقته ويضيع مصالحه .. فالمشوار الذي يقضى في 10 دقائق بات يستغرق ساعة في شوارع جدة وزحامها .. وكثيرا ما نتساءل في ضوء الأزمة المرورية في جدة عن مصير الحالات الطارئة العاجلة .. كيف يمكن لسيارة الإسعاف أو الإطفاء أو غيرها أن تبلغ المستشفى أو تصل إلى موقع الحدث في ظل التلبك المروري الخانق .. لاسيما وأن الدقيقة بل الثانية تفرق في إنقاذ حياة المريض!!. إن تحرير التقاطعات من خلال مشاريع الجسور والأنفاق التي أنشئت والجاري إنشاؤها تخفف من حدة الأزمة .. ولكنها لن تحل المشكلة .. حل الأزمة يتطلب تشييد شبكة نقل عام متكاملة وفق مخطط مدروس تشمل قطارات كهربائية خفيفة ( مترو) أو ( ترام ) تجوب كافة أحياء المدينة .. وحافلات بمستوى عصري تسير وفق تنظيم دقيق .. حتى يمكن استقطاب الناس لاستخدام النقل العام .. كما هو حاصل في الدول المتقدمة .. عامل الوقت .. هو المعيار الحاسم الذي ينبغي أن يحرص عليه .. فالمستقبل ينذر بتفاقم أزمة السير الخانقة في جدة في ظل نمو سكاني يتواصل بمتوالية هندسية .. ومشروع ضخم كالنقل العام يحتاج إلى وقت .. الأمر الذي يستوجب سرعة البدء في التنفيذ خاصة وأن مجلس الوزراء وافق على مشاريع النقل العام في المدن الكبرى واعتمد مشروع مدينة الرياض. ولكن وريثما يتم تنفيذ مشروع النقل العام فإن الحلول العاجلة يجب أن لا تتوقف .. ومنها تحرير التقاطعات والمحاور من خلال الاستمرار في تنفيذ الجسور والأنفاق .. فالجسور لوحدها لا تكفي حيث تحل الاختناق المروري في اتجاه واحد بينما يستمر هذا الاختناق في الاتجاه الآخر .. وهذا ما نشاهده حاليا وتقاطع شارع سلطان مع شارع صاري خير مثال. وحيث إن الحل الذي طبق في شارع الأندلس حقق نجاحا ونال استحسان الجميع .. فإن ذلك مدعاة لتعميمه في التقاطعات الأخرى في المدينة .. ولا ريب أن هناك حاجة ماسة لإنشاء غرفة عمليات بتقنيات عالية وحديثة لإدارة الحركة المرورية لا سيما في التقاطعات والمحاور الأكثر ازدحاما. ودوما لا حاجة لنا لإعادة اختراع العجلة .. فتجارب الكثير من المدن العالمية ماثلة .. علينا أن نستفيد منها ونبدأ من حيث انتهوا. وأخيرا لابد لي أن أقول إننا مللنا الأخبار التي تبث بين وقت وآخر عن إجراء دراسات لمشروع النقل العام في جدة .. مللنا من كلمة (دراسات) .. لم نعد نريد أن نسمعها .. نريد أن نلمس التنفيذ ونشاهده على أرض الواقع فالزمن يسرقنا والأزمة تخنقنا .. وفي المقابل الدولة حريصة والمال وفير.