بعد مضى العشر الأولى من رمضان، حيث الأمن والطمأنينة في رحاب المسجد الحرام وفق مؤشر نجاح الخطط والبرامج الهادفة إلى تمكين زوار وقاصدي بيت الله الحرام من أداء مناسكهم بيسر وسهولة، رصدت جولة «عكاظ» الأجواء الروحانية في العاصمة المقدسة، الجميع منصرفا نحو العبادة والتقرب إلى الله بالطاعات، الصورة الذهنية ناصعة البياض، لا تعكس غير العبادة، ملابس إحرام، طواف حول الكعبة، وصلوات خشوع، تتعالى فيها أصوات التكبير والتهليل والتلبية وترتيل القرآن. القادمون من كل فج يرجون الرحمة والغفران لا يشغلهم شاغل عن التزود للآخرة من قلب العالم الإسلامي، حيث الكعبة المشرفة، بعد أن تمكنوا من زيارة الأراضي المقدسة وأداء عمرة في رمضان.. لم يتردد المعتمر محمود البحراوي من القول«لحظات روحانية لا تتكرر نعيشها هذه الأيام في رحاب الحرم، نرجو الله فيها غفران الذنوب، ساعات النوم لا تكاد تذكر، فكيف لنا أن ننام ونحن نعلم أننا نقضي أيام قلائل في هذه البقعة المباركة» فمنذ أن تدلف إلى محيط المسجد الحرام وفي الطرقات المؤدية إلى مركزية الحرم تجد كل شيئا مختلفا المظاهر الإيمانية الروحانية فالجميع يسابق الزمن لتحقيق طموحاته وتطلعاته، زوار البيت الحرام يحرصون على تكرار العمرة طمعا في زيادة الأجر والمثوبة واستغلال للأوقات التي يقضونها في هذا المكان الطاهر، والبعض الآخر معتكف في باحات الحرم يقرأ القرآن ويصلى ويطوف حول الكعبة، وتشاهد التنافس المحمود للظفر بقضاء وقت قصير في الملتزم وصلاة ركعتين في الحجر، وطبع قبلة على الحجر الأسود رغم الكثافة البشرية الكبيرة للطائفين حيث لا تجد لقدمك موطئا. وفي المقابل تجد المشمرين عن سواعدهم من أبناء الوطن الذين نذروا أنفسهم لخدمة ضيوف الرحمن فالجميع يحرص على إكرام الزوار والمعتمرين وقاصدي بيت الله الحرام، وفي كل يوم من أيام هذا الشهر الكريم يبدأ هؤلاء المتطوعين في الإعداد لوجبة الإفطار عقب صلاة الظهر، حيث تشاهد الشبان يحملون أطنان التمر والقهوة صوب المسجد الحرام، كما تشاهد في طرقات وشوارع المنطقة المركزية وساحات المسجد الحرام رجال الأمن والمرور والدفاع المدني يباشرون تفعيل مهامهم الميدانية وفق الخطط المبرمجة لتحقيق كافة سبل الراحة لقاصدي بيت الله الحرام، منذ دخولهم المملكة وحتى مغادرتها، وتعمل الأجهزة الحكومية والخدمية ذات العلاقة في تناغم وتنسيق وفق منظومة عمل موحدة تشرف عليها إمارة منطقة مكةالمكرمة، يشير الزائر أكرم بلال من المغرب 50 عاما «إنني حرصت منذ سنوات على إداء مناسك العمرة وجمعت تكاليف العمرة رغم ضيق اليد وتمكنت هذا العام من إداء النسك»، وأضاف«أعيش هذه الأيام سعادة غامرة وأنا أقضي أجمل أيام حياتي في رحاب البيت العتيق، إنها لحظات لا تنسى ويحق لي أن أبكي خشوعا وأنا في أطهر بقعة. ورصدت جولة «عكاظ» فرق ميدانية من وزارة الحج لضمان راحة المعتمرين الذين توفدوا بأعداد كبيرة ، حيث تنفذ هذه الفرق خطة ميدانية لمتابعة راحة المعتمرين ويعملون على مدار الساعة من خلال الوقوف ميدانيا على الفنادق والدور المفروشة للتأكد من تقديم الخدمات على أرقى المستويات، في حين ظهر جليا الجهود التي تبذلها إدارة مرور العاصمة المقدسة في تنظيم حركة سير المركبات في الربع الأول من رمضان بعد أن أقامت نقاط فرز في منافذ الدخول لمكةالمكرمة، وأيضا في محور الطرق الرئيسية المؤدية للمسجد الحرام منعا لدخول سيارات المعتمرين وعلى الرغم من ذلك إلا أن أرتال المركبات لا تزال تشكل هاجسا مقلقا للمسؤولين عن الحركة المرورية، يؤكد المقدم فوزي الأنصاري المتحدث الرسمي باسم إدارة مرور العاصمة المقدسة، أن إدارة مرور العاصمة المقدسة اعتمدت خطة السير في شوارع مكةالمكرمة خلال شهر رمضان واستطاعت الفرق الميدانية خلال العشر الأيام الأولى من شهر رمضان منع حدوث أي تلبكات مرورية ونجحت في ذلك، كما اعتمدت الخطة المرورية على توزيع نقاط الفرز في مداخل مكةالمكرمة وتلك الواقعة بالقرب من المنطقة المركزية لمنع قائدي المركبات المرتدين للباس الإحرام من الدخول للمنطقة المركزية وتحويلهم للمواقف المخصصة لذلك، ومن ثم يتم نقلهم بالنقل العام، ويجب أن يحرص كل من يريد أداء النسك أن يستخدم وسائل النقل العام المتوافرة بكثرة في أماكن عدة من العاصمة المقدسة، وأضاف على الرغم من الكثافة في عدد المركبات في شوارع مكة إلا أن إدارة المرور لديها الخطط والآليات التي تمكنها من منع وقوع الإزدحامات وتسهيل الحركة المرورية في شوارع مكة.