كشفت جولة ل«عكاظ» على أربطة المدينةالمنورة أن غالبية ساكنيها من الوافدين والوافدات، وأن نسبة السعوديين والسعوديات من ساكني الأربطة قليلة، كما أن هذه الأربطة مهملة ومتسخة وفي حاجة إلى اهتمام ورعاية. تقول أم سجاد التي تعيش مع تسعة من الأبناء وجدتهم وشابه معاقة، تحت سقف غرفة واحدة في رباط حي المغاربة بالمدينةالمنورة، حيث لا توجد لدى تلك العائلة سوى القليل من متطلبات الحياة اليومية، فيما تحتاج الشابة المعاقة إلى تلبية احتياجاتها الضرورية من لوازم الإعاقة. وتضيف أم سجاد قائلة إن زوجها قد توفي منذ سنوات عديدة، وإنها ترعى أطفالها ووالدتها وابنتها المعاقة حركيا، حيث لا يوجد لديهم ما يكفي لسد جوعهم، إلا أنها تشير إلى أن شهر رمضان دائما ما يأتي لهم بالخير الوفير، ففي رمضان يفطرون في المنزل أو الحرم، ويجتمعون في كل ليلة من رمضان في الرباط، ويباركون لبعضهم البعض حلول الشهر الكريم، داعين الله أن يفرج همهم. فراق الزوج أما أم أنوار فتتحدث عن شهر رمضان بحزن شديد فتقول: توفى زوجي منذ 15 سنة، ونظرا لظروفي المادية القهرية أجبرت على أن أسكن مع أبنائي في أحد الأربطة، وفي كل عام عندما يأتي الشهر الكريم أتذكر زوجي الذي كان يعيش معنا ويملأ حياتنا بالأمان والاستقرار. عقوق الأبناء وتتحدث فاطمة بحرقة عن وضعها فتقول إنها تسكن وحيدة في غرفة بأحد الأربطة، وأن ابنها الوحيد يسكن مع زوجته في إحدى الشقق السكنية ووضعها في غرفة في الرباط، وأضافت: لا أشاهده إلا في المناسبات، وليلة إعلان دخول رمضان تتجمع حولي جاراتي لتهنئتي بحلول الشهر الكريم، كما يمدنا فاعلو الخير بكميات من المواد الغذائية كإعانة شهرية للشهر الكريم، وأنا هنا في هذا المكان أتجرع مرارة العذاب من بعد ابني، رغم ما أشعر به من فرحة لقدوم شهر الخير. أسرة واحدة أم محمد لديها ثلاثة أبناء وابنة تعيش في أحد الأربطة الموجودة بحي البحر، وتقول: نعيش في هذا الرباط منذ 18 عاما، بعدما توفي زوجي، ومنذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا نعيش في هذا الرباط كأسرة واحدة، نحن وجميع جاراتي، واستطردت تقول: نعايد بعضنا البعض خلال شهر رمضان والجيران جميعهم يعايدوننا، حيث نتبادل مع بعضنا الطعام طوال الشهر الكريم، بالإضافة إلى تجهيز وعمل الدقة قبل حلول شهر رمضان وتوزيعها على جميع سكان الرباط. مشاجرة وتشابك وتؤكد أسماء وهي امرأة في العشرينات من العمر، أنها تعيش بأحد الأربطة منذ خمس سنوات، وهي مطلقة ولا يوجد لديها أي عائل من أسرتها، فيما تعيش مع أسماء العديد من السيدات، مبينة أن الرباط الذي تعيش به يحتوي على أربعة أدوار، في كل دور ثلاث شقق، وكل شقة تحتوي على غرفتين وصالة وحمام ومطبخ، وأشارت إلى أن هناك بعض السيدات اللاتي لديهن عدد كبير من الأبناء يعيشون معهن، وأضافت: هنا تكمن المشكلة في النزاعات التي تحدث بين الأبناء وتصل للأمهات اللاتي تحدث بينهن المشاكل بسبب مشاجرة الأبناء، حيث يمكن أن يصل الأمر بين الجارات بالرباط إلى حد الاشتباك بالأيادي، مشيرة إلى أن ذلك الأمر مزعج جدا لباقي الجارات، وتؤكد أسماء أنه في شهر رمضان لا يختلف الوضع كثيرا عن باقي الأشهر، فالمشاكل كما هي، ولكن هناك ترابطا ماديا ومعنويا في هذا الشهر الكريم. تدني النظافة حنان وعواطف وأماني شقيقات ينتقلن من رباط إلى آخر، بسبب تدني النظافة بالأربطة التي يسكن بها، حتى استطعن أن يجدن رباطا تتوفر بجانبه عدة خدمات، كما تتوفر في داخله النظافة، حيث تتحدث أماني فتقول: لقد عانينا الكثير من المشكلات في الأربطة التي سكنا بها في السابق، فهناك أربطة تتدنى بها النظافة، وأخرى بنيتها التحتية سيئة جدا، وعندما نتحدث إلى ناظر الوقف يقول إن السكان هم سبب تدني النظافة لعدم اهتمامهم بالرباط الذي يسكنون به. البحث عن رباط عائشة امرأة في الأربعين من العمر لديها طفلان، تقول: لقد أنهكني البحث عن رباط نظيف وبه جيران يتمتعون بحسن الخلق. مشيرة إلى أن غالبية الأربطة التي سكنت بها وجدت أن الذين يسكنونها غالبيتهم من الوافدين، لا هم لهم سوى السكن والأكل والشرب والعبث بالرباط وتخريبه، والعمل على رمي النفايات وعدم الاهتمام بالنظافة، مما يتسبب للآخرين بأذى كبير يجعلهم يتركون الرباط للبحث عن رباط آخر توجد به نظافة وحسن جيرة. قوانين للحد من الشجار من جانب آخر أشار أحد نظار الوقف بالمدينةالمنورة أنهم يعانون أشد معاناة من سكان بعض الأربطة، حيث يعمد هؤلاء السكان إلى الخراب كما أنهم يعانون من المشاجرات التي تتم بين النساء، حتى أنها تصل في بعض الأحيان إلى الشرطة ولأسباب تافهة جدا، وقال إنهم يحاولون أن يضعوا شروطا وقوانين تحكم السكان للحد من هذه المشكلات. تفتقد للأمن وكشفت جولة لحقوق الإنسان على عدد من الأربطة في المدينةالمنورة في وقت سابق، بأن تلك الأربطة يسكنها الكثير من غير السعوديين، ويفتقد بعضها للجانب الأمني، الذي ربما يجعل أي شخص يسكن بها في حالة من الذعر والخوف، كما أن بعضها يفتقد للاهتمام والرعاية. من جهته أوضح مدير عام فرع الشؤون الإسلامية والأوقاف في منطقة المدينةالمنورة الدكتور محمد بن الأمين الخطري، أن عدد الأربطة بالمدينةالمنورة (11) رباطا، في 16 مبنى، بعضها تحت مسؤولية فرع الوزارة، مشيرا إلى أن هناك قسما مختصا لمتابعتها وصيانتها ونظافتها عبر مؤسستين للصيانة والنظافة، وأخرى لصيانة المصاعد. سوء التصرف وقال الدكتور الخطري: إن هذه الأربطة مبنية على الطرز الحديثة، ومعظمها يسكنها مواطنون ووافدون وفق شروط الواقف، التي يحرص الفرع على تطبيقها ما استطاع، ويحرص في الوقت نفسه على استفادة المواطنين من أهل المدينةالمنورة منها، مشددا على أن ما يقلق الفرع عدم تعاون بعض سكان الأربطة والإهمال وسوء التصرف، متناسين أن الوقف لمساعدتهم، مشيرا إلى أن مستوى التجاوب يختلف بحسب الثقافة والوعي ما بين ساكن وآخر. وبين أن الفرع يراجع أحوال سكان الأربطة سنويا؛ للوقوف على مدى استحقاق استمراريتهم أو تكليفهم بالإخلاء، وكذلك متابعة المخالفين لشرط الوقف والإسكان، كما أن الفرع يشرف على الأوقاف عموما، وذلك بمتابعتها كل ثلاثة أشهر، ويكون الإشراف على ما يحدث من مخالفات شرعية ونظامية أو ما يصل للفرع من شكاوى من المواطنين أو الساكنين، وبالتالي يتم اتخاذ الإجراء المناسب لكل حالة ومخاطبة المحاكم الشرعية بصفتها المرجع الرئيسي للأوقاف الأهلية الخاصة لتتخذ ما تراه بحقها شرعا. غياب التعاون وأكد أن أكبر العقبات هي عدم تعاون نظار الأوقاف مع الفرع، رغم أن هذا التعاون يعود بالنفع على الوقف والمستفيدين منه والناظر نفسه، مشيرا إلى أن الفرع لا يزال يأمل منهم الجدية في التعاون والتنسيق مع الفرع بما يعود بالنفع والحفاظ على الأوقاف.