أولم صاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد وزير التربية والتعليم مأدبة إفطار في بيت نصيف التاريخي وسط جدة، لوزراء وسفراء ولأعيان المحافظة. واتسمت الاحتفالية التي نظمت على صحن المنزل الأثري كعادة الأمير فيصل بن عبدالله السنوية بروحانية الشهر الكريم وعبق التأريخ، تجاذب فيها الضيوف الأحاديث عن حال جدة وماضيها ومستقبلها المشرق. كان وزير التجارة السابق عبدالله زينل ورئيس الشؤون الخاصة في ديوان ولي العهد الدكتور ماجد القصبي الأكثر تنقلا في أوساط الضيوف يعرفان بتاريخ جدة ومعالمها الأثرية، وشخصياتها البارزة، لأن الأول أحد أبناء المحافظة وتختزن ذاكرته العديد من القصص والمواقف في تاريخ عروس البحر الأحمر ورجالها الذين أسهموا في نهضتها منذ تأسيسها، والآخر عاصر أهالي جدة من خلال موقعه السابق عندما كان في بيت التجار أمينا لغرفة جدة، وفي الجانب الآخر كان سفير المملكة في اليابان الدكتور عبدالعزيز تركستاني يمارس هواية التصوير عبر جواله المحمول وعندما سئل عن سر تلك اللقطات أجاب:«سأنقل تاريخ جدة المعاصر ورواشينها إلى عباقرة اليابانيين» ويبدو أنه أشعل الحماس في داخل سفير المملكة في بروكسل فيصل طراد الذي كان كثير السؤال والاستفسار عن بيت نصيف وآثاره وتاريخه. في حين، كان رئيس البنك الإسلامي الدكتور محمد علي ورجل الأعمال محمد ناغي تارة يعرفان عن تاريخ جدة، وتارة أخرى يستفسران عن بعض الوقائع في معالمها وحضارتها التي تجاوزت ألف عام. راعي الحفل الأمير فيصل بن عبدالله كان يتنقل بين ضيوفه يحمل في ذاكرته إرثا كبيرا من المعلومات التاريخية والجغرافية عن جدة القديمة، ليس لأنه وزير للتربية والتعليم بل لأنه فنان يرسم في ذاكرته وعبر لوحاته كل صغيرة وكبيرة عن المدينة التي أحبها وحرص كل عام على جمع أعيانها ووجهائها ومسؤوليها في رمضان يتجاذبون الأحاديث عن هذه المدينة الحالمة. واصطحب الأمير فيصل بن عبدالله ضيوفه بعد أن تناولوا الأفطار في جولة ميدانية داخل أزقة وردهات جدة القديمة، وتوقف أمام سوق الجامع. وعلى الرغم من أنه يطلع على الإنشاءات والإصلاحات التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله، إلا أنه أصر على تفقد أرجاء المسجد وباحاته الواسعة، واستمع وضيوفه إلى نبذة موجزة عنها من رئيس بلدية جدة التاريخية المهندس سامي نوار، وكان الأمير فيصل بن عبدالله يتساءل عن أعمدة المسجد ومنارته العملاقة التي امتازت بالزخارف الأثرية التي يتجاوز عمرها الألف عام شامخة وسط جدة. ولم يكن أمين عام مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني فيصل بن معمر صامتا بل أدار حوارات جانبية عن المدينة التأريخية في جدة والمعالم الأثرية فيها وطرق استثمارها التي حظيت بإنجازات غير مسبوقة على مر العصور، وجرى توثيقها عبر كتب ومؤلفات المؤرخين. مازح الأمير فيصل بن عبدالله فرقة الإنشاد التي احتفت بالضيوف وكان حريصا على مداعبة الأطفال في مدخل بيت نصيف، إذ فاجأهم بالتقاط صور لهم من جولاتهم الخاصة، وامتدت مداعباته لتنثر الفرح والسرور بين المارة والمتسوقين في أجواء حميمية تؤكد مدى التلاحم بين أبناء الأسرة الواحدة. ثم توقف الأمير فيصل بن عبدالله أمام عدد من الصغار وأدار معهم حوارات موجزة عن هواياتهم، واستثمار أوقات فراغهم في رمضان. وكان لنائب رئيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية الدكتور عبدالكريم النصر حضور بارز، كاشفا حرصه على حضور مثل هذه المناسبات والاستمرار عليها باعتبارها جسر التواصل بين أفراد المجتمع.