أسئلة عن أحكام رمضان يجيب عليها فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء. فضل الشهر • ما الذي ينبغي على المسلم أن يستقبل به شهر رمضان؟ • شهر رمضان من المواسم العظيمة التي تمر في حياة المسلم، ينبغي للمسلم أن يستقبله بالبشر والسرور لقوله تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} [سورة يونس: آية 58]. فإدراك المسلم لشهر رمضان غنيمة عظيمة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم شهر رمضان ويشرح لهم مزاياه [كما في حديث سلمان الطويل الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في آخر يوم من شعبان فقال: أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك فرض الله عليكم صيامه وسنن لكم قيامه، من تطوع فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه... إلى آخر الحديث] (9). الذي يبين فيه النبي صلى الله عليه وسلم مزايا هذا الشهر وأنه ينبغي للمسلم أن يستقبله بالاستعداد لإحياء ليله بالقيام ونهاره بالصيام وتلاوة القرآن والصدقة والبر والإحسان لأن كل دقيقة من هذا الشهر هي موسم عظيم والمسلم لا يدري مدى بقائه في هذه الحياة وهل يكمل هذا الشهر وإذا أكمله هل يعود عليه سنة أخرى أو لا فهو غنيمة ساقها الله إليه فينبغي له أن يفرح بذلك وأن يستغرق هذا الشهر أو ما تيسر له من أيامه ولياليه بطاعة الله سبحانه وتعالى والإكثار من فعل الخيرات والمبررات لعله أن يكتب له من أجل هذا الشهر ما أعده الله للمسلمين فإنه شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار والمسلم يتعرض لنفحات ربه في هذه الأيام العظيمة. توقيت الإفطار • أنا أقيم في مدينة (كركوف) في (بولندا) وقد حل علينا شهر رمضان الماضي وقد من الله علينا بصيامه والحمد لله إلا أننا كنا في إمساكنا وإفطارنا نعتمد على توقيت بلدنا (العراق) علما أن التوقيت هنا في (بولندا) يسبق (العراق) فيجب أن نمسك قبلهم وأن نفطر قبلهم وقد صمنا على هذا الوضع أربعة أيام إلى أن تبين لنا الفرق في التوقيت فاعتمدنا توقيت البلد التي نصوم بها فما الحكم في فعلنا الأول وماذا يجب علينا؟ • هو كما ذكر السائل أنهم يجب عليهم العمل بتوقيت البلد الذي هم فيه فيمسكون عند طلوع الفجر ويفطرون عند غروب الشمس في البلد الذي هم فيه لقوله تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} [سورة البقرة: آية 187]. وهذا منطبق على المسلم في أي مكان يعرف فيه طلوع الفجر وغروب الشمس، فالصيام فيما بينهما، وأما ما حصل منهم في أول الشهر من أنهم يصومون بتوقيت بلد آخر يختلف عن توقيت البلد الذي هم فيه فهو خطأ. ويجب عليهم أن يقضوا هذه الأيام التي صاموها على هذا النمط لأن هذا الصيام غير صحيح ولا مطابق للشرع كما ذكرنا. وإن كان مضى عليهم رمضان آخر لم يقضوا هذه الأيام فإنه يجب عليهم مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم والله أعلم. صيام الكفارة • كان على والدي صيام شهرين متتابعين كفارة منذ زمن بعيد، لكنه لم يصمهما، وقد أجلهما وإلى الآن لم يصم، وهو الآن عاجز عن الصيام لكبر سنه فكيف العمل في هذه الحالة، وهل يجزئ شيء عنهما يفعله وهل نصوم عنه وهل هو يأثم بتأخيرها مع القدرة على ذلك؟ هذا سؤال مجمل لم يبين فيه نوع هذه الكفارة التي وجب فيها صيام شهرين متتابعين، هل هي كفارة قتل أو كفارة ظهار أو وطء في رمضان، فإن كانت كفارة قتل فإنه لا يجزئ فيها الإطعام ولا بد فيها من العتق أو الصيام عند العجز عن العتق. هذا ما ذكر الله سبحانه وتعالى فيها في قوله تعالى: {ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة} ... إلى قوله: {فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين} [سورة النساء: آية 92]. فليس فيها إلا هذان الأمران. وأما إن كانت كفارة غير القتل بأن كانت كفارة ظهار أو وطء في نهار رمضان مثلا فإنه يجزئ فيها شيء ثالث وهو الإطعام لقوله تعالى: {والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا} [سورة المجادلة: الآيتين 3، 4]. فكفارة الظهار مرتبة على هذه الأمور الثلاثة أولا: عتق الرقبة إذا أمكن. ثانيا: إذا لم يمكن عتق الرقبة فإنه يصوم شهرين متتابعين. ثالثا: إذا لم يمكن صيام الشهرين فإنه يطعم ستين مسكينا ومثلها كفارة الوطء في نهار رمضان فهذه الكفارة التي وجبت على والدك لا ندري من أي هذه الأنواع وقد أجبنا على كل الاحتمالات مع أنه يجب على المسلم المبادرة بأداء ما وجب عليه وعدم التأخير لأن ذلك يفضي إلى مثل الحالة التي ذكرتها عن أبيك لكونه أخر الصيام ثم طرأ عليه ما لا يستطيع معه الصيام فبقيت الكفارة في ذمته. رخصة الإفطار • من هم الذين يرخص لهم الإفطار في رمضان؟ الذين يرخص لهم بالإفطار في رمضان هم أهل الأعذار الشرعية وهم: أولا: المسافر سفرا يجوز فيه قصر الصلاة بأن يبلغ ثمانين كيلو فأكثر. ثانيا: المريض الذي تلحقه مشقة إذا صام أو يسبب تضاعف المرض عليه أو تأخر البرء فهذا يرخص له في الإفطار. ثالثا: الحائض والنفساء لا يجوز لهما الصيام في حال الحيض والنفاس ويحرم عليهما الصيام وكذلك الحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما أو خافتا على ولديهما أبيح لهما الإفطار. وكذلك المريض مرضا مزمنا لا يرجى له شفاء وكذلك الكبير الهرم. كل هؤلاء من أهل الأعذار الذين رخص لهم الشارع بالإفطار ومنهم من يؤمر بالقضاء كالمسافر والمريض مرضا يرجى شفاؤه والحائض والنفساء والحامل والمرضع كل هؤلاء يجب عليهم القضاء لقوله تعالى: {فعدة من أيام أخر} [سورة البقرة: آية 184]. أما من لم يستطع القضاء ويعجز عنه عجزا مستمرا كالكبير الهرم والمريض المزمن فهذان ليس عليهما قضاء وإنما يطعمان عن كل يوم مسكينا لقوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} [سورة البقرة: آية 184]. الدعاء المأثور • ما هو الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم عند الإفطار وعند السحور أفيدوني بارك الله فيكم؟ قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أفطر يقول: (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله) [رواه أبو داود في سننه ج2 ص316. ورواه الحاكم في مستدركه ج1 ص422. ورواه الدار قطني ج2 ص185، كلهم من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنه]. وورد عن بعض الصحابة أنه إذا أفطر قال: اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت (10) فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم. وأما السحور فلم يرد فيه دعاء مخصوص فيما أعلم. والذكر الوارد على الطعام في رمضان وفي غيره أن يقول بسم الله في أوله، والحمد لله في آخره. صيام القضاء • إذا دخل رمضان والإنسان عليه قضاء، حيث لم يستطع صيام هذا القضاء لمرض ألم به، فما حكم هذا جزاكم الله عنا خير الجزاء؟ إذا كان على الإنسان قضاء أيام من رمضان سابق فإنه ينبغي له المبادرة بتفريغ ذمته من هذا الواجب وقضاء هذه الأيام فإذا تأخر حتى أدركه رمضان الآخر وهو لم يقضها فهذا إن كان معذورا في هذه الفترة بين الرمضانين لم يستطع أن يقضيها فإنه يقضيها بعد رمضان الجديد فيصوم رمضان الحاضر وبعده يصوم الأيام التي عليه من رمضان الأول وليس عليه شيء سوى ذلك، لأنه أخره لعذر حتى أدركه رمضان جديد، أما من أخر القضاء من غير عذر بل هو من باب التكاسل والتساهل فهذا يصوم رمضان الجديد وبعده يقضي الأيام الفائتة من رمضان الماضي، ومع القضاء يطعم عن كل يوم مسكينا نصف صاع من الطعام المقتات في البلد عن كل يوم كفارة لتأخيره القضاء من غير عذر. والله أعلم.