تساءل وزير الخارجية الألماني الأسبق يوشكا فيشر عن وضع سورية ما بعد الأسد، وقال في مقال له على موقع أنتيوار الألماني، كيف ستبدو صورة الشرق الأوسط بعد أن تؤدي الحرب في سورية إلى سقوط الرئيس بشار الأسد الذي حكمت أسرته البلد بيد من حديد، على مدى أكثر من 40 عاما؟ ويعتقد فيشر انطلاقا من التحول الدراماتيكي للأحداث مؤخرا والتي دفعت المعركة من أجل سورية إلى مرحلة جديدة لم يعد بالإمكان تجاهل هذا السؤال. ويرى أن التفجير الناجح الذي استهدف الحلقة الضيقة للأسد، وامتداد المعارك إلى داخل العاصمة دمشق وإلى الحدود مع العراق وتركيا، وزيادة تدفق الأسلحة الثقيلة والدقيقة إلى المعارضة. تؤشر كلها إلى بداية نهاية اللعبة. غير أنه لا يجوز لأحد أن يبني آمالا كاذبة بشأن التغيير الآتي. فالنظام الأسدي لن يستبدل بنظام ديمقراطي خالص، بل يمكن لمرحلة ما بعد الأسد أن تكون أكثر عنفا إذا حاول المعارضون تصفية حساباتهم مع الموالين للنظام، أو إذا اندلعت الاشتباكات بين المجموعات الدينية والمذهبية والعرقية المختلفة. ويشير فيشر أنه وكما حصل في دول عربية أخرى يبدو أن الحكم الديكتاتوري في سورية سيحل مكانه حكم الإخوان المسلمين. والواضح أيضا هو أن سقوط النظام السوري ستكون له تداعيات واسعة على توزع القوى الإقليمية بين تركيا وإيران، وكذلك على الأزمات الإقليمية، وخصوصا المتعلقة منها بالفلسطينيين ودور حزب الله في لبنان، والبرنامج النووي الإيراني. أضف إلى ذلك أن سقوط النظام السوري ستكون له تداعيات أوسع على النطاق العالمي. وذلك بسبب الحلف القائم حاليا بين روسيا وسورية. ويضيف الوزير السابق من جهة أخرى، وبالرغم من راديكاليته المعروفة كان النظام السوري مريحا بالنسبة لإسرائيل. فهو كان يعرف الحدود، ويقف عندها ويقبلها. لكن النظام البديل قد يدفع إلى حرب إقليمية. خصوصا مع امتلاك سورية ترسانة كيماوية ضخمة. ويؤكد فيشر أنه سيترتب على إسرائيل أن تتعامل بعد ذلك مع الإخوان المسلمين.مع ما يعني ذلك من تقوية لمواقف حركة حماس.أما التأثير على الأردن بالرغم من عدم القدرة الآن على التنبؤ به فسيكون مهما للغاية. وفي الوقت نفسه فإن التطورات في سورية لا تحمل فقط مخاطر في ثناياها، بل قد تكون زاخرة بالفرص بالنسبة للمنطقة والتي يجب استغلالها والإفادة منها. ففي كل الأحوال يأتي تغيير النظام في سورية على حساب إيران، وحليفها حزب الله في لبنان. ويمكن بالتالي أن يؤدي إلى تقليص كبير للنفوذ الإيراني في المنطقة. وأكثر من ذلك، فإن إيران تفقد في هذا حليفها الوحيد في العالم العربي، وتصبح بالتالي معزولة بشكل كامل. وهذا يعني أن إيران قد منيت بهزيمة استراتيجية. سيكون من الصعب عليها النهوض منها. الأمر الذي يضعف أيضا موقفها التفاوضي في محادثاتها مع الدول الكبرى بشأن برنامجها النووي. إلى ذلك، ثمة درس تتعلمه بعض الدول وهو أن التحالف مع روسيا لم يعد كافيا لتأمين بقاء النظام. والنتائج الاستراتيجية بالنسبة للكرملين قد تكون أيضا عميقة لأن سقوط الأسد قد يؤدي أيضا إلى سقوط سياسة الرئيس بوتين الخارجية والتي تهدف إلى إعادة إحياء قوة روسيا ونفوذها في العالم. وهكذا حسب رأي الكاتب، فإن نتيجة الحرب الأهلية السورية ستكون لها تداعيات واسعة النطاق ليس على البلد فحسب، بل أيضا على السياسة الإقليمية والدولية، وستكون إيران أكثر المتضررين منها. ترجمة : جوزيف حرب