في مجريات حياتنا وامتداداتها ما لا حد له من الطموحات والآمال، تعبر بنا من معترك في هذه الحياة إلى آخر ومن عقبة إلى أخرى ومن أمواج متلاطمة وتقذف بنا إلى غيرها. إنها مسيرتنا على الدروب التي نختار العبور عليها في دنيانا.. والتي مهما ألقت بنا صعوباتها في دائرة ما قد يؤدي إلى الإحباط واليأس، إلا أن الإصرار والتصميم على تحقيق الأهداف هي ما ينقلنا إلى بر السلامة، وإلى تحقق الغايات. إن الإنسان هو ما يريد أن يكونه، شرط أن يكافح المعوقات التي تواجهه وأن لا يستسلم لما يفرضه عليه قصوره، ففي الإنسان نزعتان: نزعة إلى نشدان المعالي والأهداف الشامخة، ونزعة إلى الارتهان إلى الدعة والتكاسل، هاتان النزعتان تحددان مصير الإنسان وما هو أهل لأن يصبحه، فبمقدار ما يجعل أحدنا كيانه أسير أي منهما فهو صائر إلى ما يؤول إليه. فإذا رغبت أيها السائر في درب الحياة أن يكون لك هدف سام ومتعال تسعى إلى أن تصل إليه مهما كلف ذلك من ثمن وأن تكون المصاعب التي في طريقك محفزا لك على الصبر والجلد وإثبات قدرة الذات على التحمل، فأنت ستصل إلى ما أنت أهل له من الرفعة والمكانة اللائقة. أما إذا كانت النفس مسترخية ومستسلمة لنوازع الاستكانة في مشوار الحياة، وأن ليس في الإمكان أحسن مما كان، وأن مصارعة مشاق الحياة مما ينكد العيش فيها، فإن المصير سيكون المكوث حيث أنت بل ربما التراجع إلى الخلف فيما الآخرون يتقدمون، فالإنسان ليس ما يحيله دربه إليه وإنما هو ما يصنعه لنفسه من دروب.