«عصفور باليد ولا عشرة على الشجرة»... مثل نسمعه يتردد في كل مرة يتحدث فيها شخص انهزامي فاتر الحماسة سيطرت على عقله الأمثال الشعبية المحبطة للعزم، ويجعلنا قنوعين بما لدينا لا نطمح إلى التغيير، قتل في داخلنا كل رغبة في المجازفة، خوفاً من أن نخسر القليل الذي أقنعنا أنفسنا به، كيف لنا أن نتطور ونحن نخاف أن نجازف، نخاف أن نغامر، لا نضع أمام أعيننا إلا الخسارة، وخوفنا من أن نخسر فأضاعتنا ال «عشرة عصافير» للمحافظة على عصفور هو سبب تراجعنا، وتأخرنا وكسلنا. أمثالنا الشعبية مستقرة في العقل الباطن لكل متخاذل عن شق طريقه في الحياة، على رغم بساطة ألفاظها وسطحيتها تبرمجت العقول واستكانت لها. فهذه الأمثال المعضلة لها قوة تأثيرية عجيبة ورثت بنا التبلد والكسل والجهل، فبعض الأمثال كم تمنيت أن أقابل قائلها، لأمسكه من يده وأدخل معه إلى مكان يجلس فيه العاطلون والفاشلون وأقول له انظر ماذا فعلت بهم، فهؤلاء نتاج أفكارك السلبية التي عودتهم وربتهم على الكسل والخنوع وقتلت فيهم كل همة. إن تقدمك لا يخصك وحدك، فتقدمك هو تقدم شعب، فالأمم تنهض بشعوبها لا بحكوماتها ومواردها، تطورك فرصة لتطور جيل كامل من بعدك، غامر مرة، قد تخسر لكن لا تحزن، ففي خسارتك قد كسبت شيئين التجربة والخبرة، وتجربة بعد تجربة تجعلك قناصاً ماهراً فتصطاد عصافير أحلامك كلها، فكل عصفور يقف فوق شجرة هو حلم، هو هدف، هو أول خطوة لتغيير المصير. انظر حولك ستجد أن معظمهم خائفون، يرون أحلامهم أمامهم لكنهم خائفون من أن يتقدموا حتى لا يضيعوا أو يفشلوا، فيمر عمرهم أمامهم وهم واقفون يحلمون بعصافيرهم على وسادتهم ليلاً، ويصحون صباحاً ليعتنوا بذلك العصفور الذي بين أيديهم، يندبون حظهم حتى يأتي غيرهم يصطاده ويرحل وهم مستسلمون لخوفهم، فمن اصطاد عصافير الشجرة وأخذ أحلامهم ليس بأفضل أو أذكى منهم! هو فقط أجرأ وصاحب همة أعلى، قرر أن يحقق أحلامه لا أكثر، فكم منا كامل لا ينقصه سوى اغتنام الفرصة بدلاً من إضاعتها بالتردد... لا تنسى إن لكل مجتهد نصيباً... فاجتهد حتى تنال، درب نفسك على علو الهمة، وعوِّد ذاتك على ألا تقنع بما دون النجوم، إنهم دائماً يرددون «مد رجولك على قد لحافك»، فلماذا لم يقولوا «غيّر لحافك إلى لحاف أطول ليناسبك»، أنا متأكدة أن قائل هذا المثل هو أخ لصاحب العصفور. أمثالنا التي حفظناها ورددناها كثيراً هي مفاتيح لأبواب أهدافنا، فليعرف كل منا أي مفتاح يختار. [email protected]