قبل بضعة شهور .. في سرادق عزاء الأستاذ محمد صادق دياب رحمه الله فاجأنا سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز بحضوره شخصيا من الرياض لتقديم العزاء. ومؤخرا نشرت هذه الجريدة خبرا مصورا عن زيارة سمو الأمير سلمان للأستاذ عبدالمقصود خوجه في منزله بجدة يطمئن على صحته بعد الوعكة الصحية التي ألمت به. يحرص الأمير على التواصل مع فعاليات المجتمع رغم مشاغله الكبيرة ومسؤولياته المتعددة .. وهو ما يعكس جانبا من مفاتيح شخصيته.. والأمير سلمان بن عبدالعزيز .. هامة سامقة وقيمة عالية .. فهو شخصية قيادية تتجاوز محددات الزمان والمكان لتدلف أروقة التاريخ وتصنع مفرداته .. فهو من صناع التاريخ .. صنع حضارة بناء تاريخية نقلت (الرياض) المدينة من واقع مدني محدود إلى مدينة تضاهي اليوم كبرى عواصم العالم المتقدم. وعطاءات شخصية قيادية بحجم سلمان بن عبدالعزيز تتجاوز حدود مدينة لتشمل مساحة وطن بمختلف مناطقه وأطيافه.. ولقد حباه الله بصفات قيادية فطرية وفكر مستنير وحضور لافت .. ربما لا يدرك أبعاد ذلك البعض في منطقتنا بحكم وجوده في الرياض أميرا لها على مدى نحو خمسة عقود .. ولكنه يملك (كاريزما) نوعية فكرا ورؤية وعمقا ووضوحا. ولقد تسنى لي خلال تواجدي في الرياض لسنوات أن ألمس الحضور الفاعل للأمير سلمان في شتى مناحي العطاء والعمل .. إلى جانب دوره المؤثر في ميادين البر والخير .. فمن رئاسته لجمعية البر إلى جمعية الأيتام إلى جمعية المعاقين إلى جمعية مرضى الكلى إلى الاسكان الخيري إلى تحفيظ القرآن .. والشواهد الماثلة للعيان تعكس قيادة واعية ورؤية ثاقبة وفكرا ناهضا يملكه الأمير الجليل. أما مجلس الأمير سلمان في إمارة منطقة الرياض فلقد كان نموذجا فريدا وجميلا انتظم على مدى نيف وخمسين عاما .. لم يتغير رغم متغيرات الزمان والمكان .. يستقبل المواطنين بشكاواهم وقضاياهم ومطالبهم وحاجاتهم .. بل وحتى خلافاتهم العائلية .. وهو يقرأ «المعاريض».. ويقرأ الوجوه .. ويستنطق الإجابات بحضور لافت وذاكرة حاضرة .. ثم يقضي في الأمر. وعندما يرتجل كلماته في المناسبات المختلفة .. تشعر أنك أمام شخصية استثنائية تتضمن الكلمات حكما وتتناول أبعادا عميقة. الأمير سلمان الذي لا يكفي حيز محدود لإيفاء دوره وعطاءاته في سبيل وطنه وأمته .. لا أملك إلا أن أقول إن شخصية الأمير سلمان لم تقدم بعد بالمستوى الذي تستحقه .. ولم تدرس بعمق تحليلي وفق أسس علمية تتناول أبعاد الشخصية وآفاقها .. بناء على نظريات علمية معروفة وبدراسات مقارنة معمقة .. هذا ما زلت أدعو إلى تحقيقه فهناك حضور حيوي لصانع تاريخ وهناك غياب واضح للتناول العلمي لهذه الشخصية.