أكد عدد من المختصين بالشأن الفني عدم ملامسة الدراما السعودية لهموم وشجون المجتمع، وأنها لم تجسد عراقة وتنوع ثقافة وطن مترامي الأطراف، وقالوا ل«عكاظ» إن هناك هموما مشتركة تواجه العاملين في العمل المرئي، خصوصا الإخراج والإدارة الدرامية، كما أن هناك العديد من المشكلات التي تواجه الممثلين الشباب المنتجين مع التلفزيون الذي هو بمثابة الأم الحاضن لتلك الأعمال المقدمة، معبرين عن عدم رضاهم على رعايته واهتمامه بتلك الكوادر أو الاستفادة منها، مطالبين بإيجاد عمل فني أكاديمي يرتقي بذوق المشاهد السعودي بعيدا عن الكراكتر المتكرر والشخوص المحتكرة والمناطقية في إنتاج العمل التلفزيوني المركزي. وتحدث في البداية علاء محمود (كاتب سيناريو) قائلا: «الدراما السعودية تعتمد على ورش خارجية لاتعرف واقع تاريخنا ولا منهاجية أفكارنا، وإنما تعتمد على فكر المنتج، واحتكار لوضع فكره الخاص وهو مساعد للتمويل المالي له، وهناك منتج لشركة معينة لديه فكرة ناجحة حسب الطلب المطلوب من قبل القنوات، وأضاف، أعرف كثيرا من المنتجين بعضهم لايحترم عقلية المشاهد بدون جرح لمشاعر الناس، باختصار إنما يحاكي جيوب الشركات لتسديد أوقات البرامج والتلفزيونات، ويضيف، هناك مسلسلات لم يعد الناس يتذكرونها ويتمنون مثلها مثل مسلسل بوابة الحلواني. حرب الورش الخارجية ويستطرد الكاتب علاء قائلا: هناك حرب شنيعة بسبب هذه الورش حيث يتم كتابة سيناريو ب 20 ألف ريال، والمنتج يحاسب الشركة ب 200 ألف دولار، ويضيف: وبالنسبة لروحانية رمضان الآن الكل يتابع مسلسلات كويتية جميلة من ملامستي للقصة والسيناريو، والشباب اعتمدوا على الاستخفاف بالكراكتر، وكتبت أربعة أعمال الآن لعبة الأيام ومسلسل خمسة وخمسة وصندوق الدنيا وسألتك حبيبي والآن طلبوها. أكاديمية فنية وتطرق إلى نوع الفانتازيا غير الواقعية وفهم المنتجين في الكراكتر الخاص بالممثل وأن المنتج للأسف قد نسي أنه لايوجد لدينا ممثل أكاديمي، هنا فقط هواة تمثيل وأنا كاتب هاو وقد درست أربع سنوات كتابة سيناريو وقصص، والشركات لاتريد إلا الهواة وتريد الأرخص ومعظم الشركات تتعامل مع ورش أجنبية، والكوميديا الحقيقية لم تقدم معالجات مطلوبة. وفي ذات السياق قال الممثل عبدالعزيز الشمري: إن اتجاه الناس إلى الدراما التركية في هذا التوقيت تحديدا إنما هو بسبب الانبهار بالصورة والقصص الإنسانية، وماينقص الدراما السعودية هو وجود منتج من رجال الأعمال وليس أن يكون المنتج هو الممثل نفسه، فنسبة الممثلين المنتجين مع قلتهم كبيرة مقارنة بعدد الممثلين السعوديين، وكلهم يبحثون عن الشهرة وعن الشخصية الرئيسية في العمل، وأصبح دور المخرج هو تنفيذ توجيهات المنتج الذي هو الممثل، لقد ذهب الزمن الذي يكون فيه المخرج المدير الذي يتعب على العمل بكل جهد ليختار الممثلين على الأدوار، وصار المنتج هو من يختار الدور، فلو كان هناك المنتج من رجال الأعمال ويسند العمل إلى مخرج يدير العمل ويختار مكونات العمل من الممثلين خاصة سيكون الأداء أفضل. قطاع الإنتاج وعن الحل الأمثل قال: «إننا ننادي بقطاع إنتاج في التلفزيون السعودي، وهنا نزرع ثقة المشاهد السعودي بالدراما الوطنية ويتشبع بها طوال العام، والمفترض أن تقدم رسالة الكوميديا وجبات للعبرة والاتعاظ وليس للضحك فقط، كما نتمنى أن يثق المنتج بالمخرج ويزيح عن كاهله (الإشراف والبطولة والتأليف والإخراج)». من ناحيته، قال فيصل يماني (مخرج): «هناك أعمال كوميدية بعضها سخيفة وبعضها هادفة جدا لكنها عكست واقع مجتمعنا، وقد توقفت هذه السنة عن تقديم أي عمل فني لأنني وجدت أن أفكارنا تدور في رحى نفس المواضيع الاجتماعية، ووجدت أنني وحسن عسيري وفايز المالكي نقدم نفس الشيء، (سكتم بكتم) هذه السنة جيد، رأيت مع الفنان فايز المالكي مشاهد رائعة منه». كتابات مبتورة يواصل يماني الحديث عن التراجيديا الحزينة الكئيبة التي تجعل أنظار المشاهدين تتجه نحو الدراما التركية وذلك لأن فيها عاطفة وحب وحزن وقضايا إنسانية وأسرية وبها تداخلات حقيقية بين الأسر، وفيها مشكلات بغض النظر عن الكآبة نسبتها أقل من الحب ونحن شعب متعطش للعلاقات الإنسانية.