لم يعد في إمكان العابرين للشوارع والطرق المزدحمة في جدة غير الانتظار، فأغلب تلك الطرق خالية من جسور المشاة أو خطوط خاصة بالعابرين، وفي شارع فلسطين المزدحم خير مثال.. حوادث دهس مميتة وإصابات بالغة شهدتها الطرق، فتحت مجددا ملف حاجتها الماسة إلى جسور وأنفاق صغيرة وخطوط مشاة. الذي يحدث في جدة من زحام سياحي وتدفق الآلاف إلى المدينة في رمضان والعيد يحتم على جهات الاختصاص التفكير سريعا في إنشاء معابر ومسارات آمنة تضمن حياة الناس وتؤمنهم ضد مخاوف العبور. وكان لكبار السن والنساء نصيب وافر من القلق، إذ قالوا إنه حتى الجسور الموجودة في مواقع متباينة انتهى عمرها الافتراضي، بل إنها أصبحت خطرا كبيرا على مستخدميها بسبب تآكلها واحتمال سقوطها. النجاة من الموت سعيد عبدالرحمن يضرب مثلا بنفسه، وروى ل«عكاظ» كيف نجا من موت محقق حينما كان يعبر شارعا محوريا قرب سوق الأمير متعب، حيث فاجأته سيارة مسرعة يقودها شاب متهور، فاضطر للوقوف والتسمر في منتصف الطريق ومرت الثواني وكأنها دهور، وعبرت السيارة بجانبه بذات السرعة، ويتساءل سعيد: كيف كان يكون الحال لو كان العابر طفلا أو امرأة أو مسنا أو صاحب احتياجات خاصة؟ ويعتبر سعيد غياب جسور المشاة أو خطوطها سببا رئيسا لما يحدث من مخاطر وسقوط ضحايا أبرياء، مشيرا إلى أن الطريق الذي نجا منه يمتد من غرب طريق الحرمين السريع وصولا للمحلات التجارية، لا يوجد به جسر مشاة، رغم كثافة السيارات وكثرة العابرين على أقدامهم من شمال الشارع إلى جنوبه. ومما يزيد خطورة الوضع أن الشارع مرتفع من الجهة الشرقية التي تأتي منها السيارات، وهو طريق متفرع من السريع، الأمر الذي يحد من رؤية السيارات. هواة المشي في خطر المقيم إدريس عثمان الذي يقطن في حي الفيحاء، قرب إدارة المرور، قال إن الجدار القريب أصبح مكانا لهواة التريض والمشي، وفيهم كبار سن ونساء وأطفال، وعند محاولة عبور الشارع يتعرضون إلى مخاطر كبيرة، مشيرا إلى أن حوادث دهس متباينة حدثت في ذات المكان. وفي حي السليمانية، قال كل من فيصل عبد الرحيم وعبدالكريم جلال إن الشارع الرئيس في الحي تطل عليه عشرات المتاجر والمراكز، وأصبح من الصعب العبور فيه، ولم تفكر الأمانة في وضع معابر أو جسور تخفف على الناس المخاطر، علما بأن الطريق شهد أكثر من حادث دهس، وما يزيد الوضع صعوبة سور الجامعة الذي يفضله الناس لممارسة رياضة المشي والجري على مدار الساعة، ومنهم النساء وكبار السن، ويعد عبور الشارع بالنسبة لهم ضربا من المغامرة والمجازفة. رحيل قبل التطعيم علي أحمد يتذكر بكثير من الحزن والأسى ما حدث قبل سنوات لزوجة أخيه التي كانت في طريقها لمركز صحي لتطعيم طفلها، حيث دهمتهما سيارة يقودها مراهق فقتلت دهسا. ويرى علي أن جسور المشاة في جدة قليلة العدد، مقارنة بحجمها ومساحتها وحجم سكانها، كما أن أغلبها قديمة ومتهالكة. «عكاظ» وضعت ملف الجسور على طاولة مستشار أمين جدة للخدمات الدكتور عبد العزيز النهاري، فأوضح أنه «يتم التنسيق بين أمانة جدة وإدارة المرور في تحديد المواقع التي يجب وضع جسور مشاة. ويتحدد ذلك بناء على عدة محاور ودوافع، منها طبيعة الزحام وكثافته، ويتم الإنشاء حسب المعايير الهندسية لتكون مناسبة وآمنة، وهناك عدة جسور جارٍ العمل فيها حاليا، وهناك لجنة مسؤولة عن دراسة وتحديد الشوارع المستحقة للجسور».