شدد عدد من المختصين على أهمية تعزيز مفهوم الأمن الوطني وتكريسه، مؤكدين أن هذا الأمر يعد مطلبا في الأوقات العادية فضلا عن هذا الوقت الذي يتطلب تضافر الجهود بشكل أكبر وتلاحماً عظيماً بين القيادة والشعب بكل فئاته أكثر من أي وقت مضى بما يجنب الوطن الوقوع في ما يحيكه الأشرار ويتمناه الأعداء. بداية أكد عبدالله الوشمي رئيس النادي الادبي بالرياض أنه لا يمكن للمجتمع ان يتنازل عن تكريس وحدة الوطن كاملاً وعن مرجعية النظام المتفق عليها، مضيفا «لا بد أن يفهم الجميع بما فيهم المثقفون ان آلية الاحلام تمر من خلال بوابة المؤسسات الرسمية والعابثون بالمنجز الوطني والمنجز التاريخي المتمثل في الوحدة الوطنية يجب أن يعلموا ان الوطن كله سوف يقف تجاه تخرصاتهم وعبثهم حيث إننا نعيش في وحدة بذل من اجلها قادة البلاد الاوائل واجدادنا كل غال ونفيس وسيبذل قادتنا الآن وأجيالنا المعاصرة ما يكفل لهذه الوحدة الاستمرار». أما الدكتور محمد بن صنيتان (كاتب) فأكد أن دور المثقف ينبغي أن يكون على مستوى المسؤولية ويجب عليه أن يلبي نداء الوطن في مختلف الأوقات عبر توظيف إمكانياته بالدفاع عن نهجه ومستقبله، ولذلك ينبغي أن نبتعد عن المناطقية والمذهبية، كما عليه أن يتسامى على كل ذلك وأن يحافظ على الوحدة الوطنية وتوظيف فكرة وثقافته في تمتين النسيج الاجماعي وتكريس الوحدة الوطنية. وفي السياق ذاته، قال حمد القاضي (كاتب وعضو مجلس الشورى) «أمن الوطن خط أحمر لا يمكن أن نرضى مواطنين وحكومة أن يمس لأن أمن الوطن يعني الاستقرار والنماء واخضرار سنابل القمح وابتسامات الاطفال وحاضر ومستقبل الاجيال. هذا الوطن الذي قضى على كل اسباب فرقته بدءا من مؤسسه الملك عبدالعزيز الذي ناضل من اجل وحدته وترسيخ امنه استطاع بتوفيق الله الانتصار على كل من اراد أن يؤثر على أمنه من أي طرف أو طائفة ومن أي عنصر داخلي أو خارجي. لا تساهل وما نراه اليوم من تصرفات وأعمال وشغب القلة القليلة في القطيف نجد أنهم لا يمثلون الوطن ولا ابناء القطيف لذا عليهم ان يدركوا أننا لن نتساهل في امن الوطن وان كل من يريد المساس بأمنه واستقراره ستقف الدولة في وجهه ومعها المواطن، وذلك في أي جزء من هذا الوطن ولتعتبر هذه الفئة المتطرفة التي تمتثل لأوامر خارجية لا تريد لوطننا خيراً لتعتبر لما حصل من الفئات المتطرفة الأخرى وكيف تم القضاء عليها وكما حصل معها سيحصل مع غيرها من أية فئة او طيف وسوف ينتصر الوطن، والأمن هو اساس التنمية واي إخلال به هو اخلال بالاستقرار والنماء ولنعتبر لما حصل لدى غيرنا حيث يتخطف الناس من حولنا ونحن نعيش في أمن وارف، فالعبث بالامن لا ينتج الا دماراً. وعلى المنوال نفسه قال الدكتور عادل باناعمة «دور المثقف في مثل هذه الحوادث مفصلي ضروري، وأهم واجباته أمران: أولهما: التعامل مع الوقائع بموضوعية، والحرص على دقة المعلومة، فقلم المثقف إذا جرى بالتحليل بناء على معلومة خاطئة فإنه قد يحدث شرخا في الوعي المجتمعي يصعب رتقه. وعليه فإن عجلة المثقف في التحليل والتعليل دون استيثاقٍ خطيئة كبرى. وثانيهما: تجريد الحوادث من أردية العواطف، وإرث المنافرات، فالتطرف والعدوان واستسهال سفك الدماء والرغبة في إثارة الشغب كل ذلك لا دين له ولا ملة.. بل هو في ذاته دين وملة عند أصحابه، وأقول للصامتين الآن انتهى وقت الصمت. من ناحيته، أكد مدير مركز الدراسات الاستراتيجية الدكتور أنور عشقي أن كل مواطن شريك ومشارك في الحقوق وعليه الحرص على الوطن الذي يؤويه خصوصا أن الوطن أمر متعلق بوجدانية الإنسان، فكما أنه ينال حقوقا يجب عليه أداء الواجبات التي عليه. وأشار إلى أن من الأهمية بمكان عمل كل مواطن بتفان في خدمة وطنه وإعلاء كلمة لا إله إلا الله وأن يشرف وطنه داخليا وخارجيا وهذا يقتضي تربية وطنية تبدأ من المدارس الابتدائية ومواكبة ذلك بعد تخرج الطالب في المدارس، لافتا إلى أن هذا الأمر يتحمله الإعلام ورعاية الشباب. مقومات الأمن ولفت إلى ضرورة أن تكون هناك خطة ممنهجة لتحقيق الأمن الوطني وبناء الوطن وحمايته من أي تشويه، مضيفا «مهما قلنا فالمملكة بخير والحمد لله ولا نزال على ذلك رغم الاضطرابات التي تعيشها بعض الأقطار من حولنا، لكننا مطالبون بحماية هذا الأمن وتعزيزه، فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما أسس الدولة كان ذلك على الشعور بالعامل الوطني والانتماء للإسلام، وكان يقول للصحابة إن كلا منهم على ثغر من ثغور الإسلام (الله الله أن يؤتى الإسلام من قبلكم)، وأن الإنسان الذي لا يحمي موطنه ولا يحرص على مكتسابته يأثم». وذكر أن ذلك ينصب مباشرة على الأجهزة المختلفة المعنية بهذا الأمر وأولها المؤسسات الإعلامية والتعليمية، وأنه يجب تضامنها مع بعضها والسير في ما يصب في صالح الولاء للدين والوطن. في حين قال الدكتور حمد اللحيدان إن الأمن الوطني يعتبر من الركائز الجوهرية الحساسة التي تعتمد عليها الدول في المحافظة على استقلالها وأمنها وتطورها أما مقومات الأمن الوطني فإنها تختلف من دولة إلى أخرى والسبب ان لكل دولة ظروفها وخصائصها وماهيتها ومع ذلك فإن هناك قواسم مشتركة بين الدول فيما يخص الأمن الوطني بصورته العامة فالخطوط العريضة للأمن الوطني تكاد تكون متطابقة، لافتا إلى أن كل ذلك يحتاج إلى حراك دائم على المستوى المحلي والخارجي قوامه الدراسات الاستراتيجية المبنية على استقراء الماضي ومراجعة الحاضر واستشراف المستقبل. ولفت إلى أن الأمن الوطني أصبحت له مقومات عديدة تطال جميع مفاصل الحراك في الدول المختلفة بما في ذلك تعداد السكان وتوزيعهم بصورة استراتيجية أمنية اقتصادية على مساحة الوطن وعليه فإن العمل على ضمان الأمن الوطني يتطلب أمورا كثيرة. وبين أن هذا الأمور تتركز في إنشاء مركز للدراسات الاستراتيجية أو مركز تفكير تابع لمجلس الأمن الوطني يعمل كعين بصيرة ونافذة سحرية تدرس المعطيات المحلية للأمن الوطني وتعمل على تفعيلها سواء ما يتعلق بتوفير الخبرات أو استشراف تجارب الآخرين أو إعداد الدراسات والتقارير لأصحاب القرار والعمل على تنفيذ المستعجل منها على أرض الواقع ناهيك عن دراسة واستقصاء أبعاد الحراك الإقليمي والعالمي ومتغيراته وتحديد انعكاساته السلبية والإيجابية على الدولة حكومة وأرضا وشعبا، وكذلك حث الجامعات على القيام بدورها المنشود من حيث دعم الكراسي العلمية ذات العلاقة بالأمن الوطني وطرح موضوع الأمن الوطني كأحد المواضيع الهامة التي يجب أن تركز عليه رسائل الماجستير والدكتوراه بحيث يتم إخضاع ذلك الموضوع للدراسة الميدانية على مستوى المناطق والمدن والحدود وأهمية زيادة الرقعة المأهولة من أرض الوطن ناهيك عن إنشائها معاهد ومراكز متخصصة في أبحاث ذلك المضمار الهام، والعمل على التعريف بمفهوم الأمن الوطني بالنسبة للمواطن وبيان أبعاده ودور المواطن في ترسيخه والمحافظة عليه وان لا يؤتي من قبله وبيان أهمية الوحدة الوطنية ووحدة الكلمة في تعميق جذوره فالأمة يجب أن تكون كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا. مفهوم جديد وذكر أن من الأمور المهمة أيضا، العمل على صياغة استراتيجية أمن وطني تأخذ بعين الاعتبار كل المستجدات على الساحة المحلية والإقليمية والدولية وكذلك استقراء الاحتمالات المستقبلية بصورة مرنة قابلة للتعديل والتبديل حسب الظروف والمتغيرات حيث لم تعد الأحداث كما كانت في السابق لها مقدمات بل أصبحت أغلب سيناريوهاتها تتم بصورة مفاجئة مما يتطلب سرعة الحركة في الاستجابة لها واحتوائها كما يجب ان تتضمن تلك الاستراتيجية رؤية جيدة لما يجب ان تكون عليه. من جانبه، يقول الدكتور عبدالعزيز بن صقر إن مصطلح الأمن الوطني تطور ليعكس التطور في العلاقات بين الدول وفي العلاقات بين الدولة والمواطن وليعكس كذلك التطورات التكنولوجية التي شهدها العالم، والمفهوم الجديد أصبح ضرورة تتبناها أية دولة تحاول مواكبة التطورات والتغيرات في البيئة الدولية. وأضاف: أصبحت عملية إعادة بناء مفهوم الأمن الوطني تمثل أحد أخطر التحديات التي تواجهها دول منطقة الشرق الأوسط في إطار المتغير الجيو سياسي الكبير الناتج عن احتلال العراق واتخاذه مركزا لإعادة بناء المنطقة وعولمتها وإعادة تنظيمها، من خلال شراكة أمريكية شرق أوسطية (اقتصادية وسياسية وثقافية) تشكل في حقيقتها جزءا من عملية إعادة بناء النظام الدولي برمته، وعولمته في نظام عالمي جديد، ولم يعد ممكنا لأية دولة من الدول عموما وبالذات القائدة والمؤثرة منها، وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط بحكم أنها المسرح الاستراتيجي المباشر لمفاعيل هذا المتغير ومضاعفاته، سواء أرغبت بذلك أم لم ترغب، أن تتجاهله في حساباتها وسياساتها الإقليمية. ولفت إلى أن هناك مهمة تحديد استراتيجية آنية للتعامل مع الظروف المفاجئة والمستجدة، ويأتي بعد ذلك مهمة تحديد معالم ورسم استراتيجية على المدى المتوسط (مرحلية) لتقليل الأضرار والقدرة على السيطرة على التحديات والتعامل مع المستجدات والمتغيرات، وأخيراً تأتي مهمة المساعدة على تطوير استراتيجية بعيدة المدى تتم صياغتها على أساس استقراء التطورات المستقبلية من أجل ضمان حماية وخدمة مصالح الدولة العليا وأمنها واستقرارها على المدى البعيد. الاستقرار أولا إلى ذلك، قال عضو مجلس الشورى أستاذ العلوم السياسية الدكتور صدقة بن يحيى فاضل إن الاستقرار السياسي في أي بلد يعرف بأنه استتباب الأمن والنظام على أسس تقبلها غالبية الشعب. والأمن هو المكون الأهم في أى استقرار سياسي فعلي. والمقصود هنا ما يشار إليه في أى بلد ب(الامن الوطني). الاستقرار السياسي، بمكونه الاساسى وهو الأمن متطلب ضروري، بل وحتمي، لسير الحياة العامة للبشر سيرا طبيعيا. بدون الأمن لا يمكن الحديث عن حياة عامة طبيعية تتناسب وحاجات الإنسان الضرورية. وكما أن الإنسان لا يمكن أن يعيش دون ماء وهواء، فإنه أيضا لا يمكن أن يحيا حياة طبيعية تتناسب وطبيعته وحاجاته إلا بتوفر الأمن، ناهيك عن النمو والازدهار الذي يحتاج أول ما يحتاج إلى الصحة والأمن. وأضاف: من هذا المنطلق يتوجب على كل مواطن في أي بلد أن يحافظ بإخلاص وجد على أمن بلده الوطني، إن كان يريد الخير لنفسه وأهله. فذلك الأمن هو أمنه واستقراره ونموه هو، إن لم يعمل الجميع على الحفاظ عليه، فقد يفقد، وإذا فقد يخسر الجميع بخسارة متطلب العيش والازدهار الاساسى والرئيس. وعندما نطبق ذلك على بلادنا، يجب أن نحمد الله على ما هو متوفر لنا من أمن وارف ثم يعمل كل منا على الحفاظ على هذه النعمة، بل وتقويتها وتطويرها، بما يجعلها صلبة، وغير قابلة للكسر، أو الزوال المفاجئ.