على مدخل حارة المظلوم في جدة القديمة يلفت نظرك مركاز العم ذاكر أو (زاكر) كما يناديه بعض الأهالي في الحي وهو مركاز شيده العم ذاكر النجار أمام ورشته القديمة، ويضم المركاز ذا الأربعة مقاعد وطاولة كبيرة في المنتصف، أصدقائه النجارين والقدامى من سكان حارة المظلوم. حديث الزكريات ويقول العم ذاكر أنهم في المركاز يجري حديثهم دائما عن الذكريات ومن توفاه الله من الأصدقاء ومن سيتزوج من الأبناء، حتى يقدموا الواجب لمن يستحق كما يجري في حديث المركاز أيضا المشاريع الصغيرة التي يقدمها الأصدقاء لبعضهم البعض، ولا يخلو المركاز من الوجوه الشابة من أبناء حارة المظلوم للاستفادة من أحاديث الكبار وقصصهم ونصائحهم المفيدة. حارة المظلوم يقول العم ذاكر: أنا من مواليد حارة المظلوم ونشأت وترعرت فيها وامتهن حرفة النجارة التي كانت تدر المال الكثير في تلك الأيام، إذ أن أبنية جدة القديمة لا تخلو من الرواشين، والتي تتطلب نجارا ماهرا، إضافة إلى أن كل شيء تقريبا كان مصنوعا من الخشب، وكانت ورشتي عامرة، وبعد التوسعة التي شهدتها جدة ونظرا لكبر سني، رفضت أن أترك أصدقائي وحولت ورشتي إلى مركاز، نلتقي فيه ونتذكر الأيام الجميلة والأيام الصعبة التي تجاوزناها سويا، ونقدم المساعدة والنصح لمن يحتاجها من أهالي حارة المظلوم، وكل هذا حبا من القلب إلى حارتي حارة المظلوم التي اعتبر نفسي أحد المساعدين في إنشائها كوني معلما نجارا. باب النجار مخلوع وتقبع في ورشة العم ذاكر تحف فنية بعضها من صنعه و البعض الآخر قام بشرائها ويحافظ عليها منذ زمن بعيد، ولا يسمح لأحد النظر إليها أو دخول الورشة إلا المقربين جدا منه، كما أن باب الورشة مخلوع ويرفض العم ذاكر التدخل في إصلاحه، ويجيب على استفهامهم مازحا باب النجار مخلع.