نظرة عميقة على أحوال مدينة مكةالمكرمة ستؤكد أن الأوضاع ليست على ما نتمناه لهذه المدينة «العظيمة»، قد تكون جيدة نسبيا مقارنة بالمدن العربية الأخرى. ولكنها حتما ليست على المستوى الكبير أو دعونا نقول المستوى «المثالي» أو «الأنموذجي» الذي تريده القيادة الرشيدة لها كمدينة ذات مكانة «عالمية» خاصة في نفوس مليار ونصف المليار مسلم. فواقع الحال يدل على أن التراجع قد أصاب بعض المؤسسات، دعونا «نشخص» مثلا حال «الجامعة» الغائبة تقريبا عن الحراك الاجتماعي مع تقديرنا الكبير لمجهودات القائمين عليها. ودعونا نتساءل عن «الصحيفة» التي أفل نجمها منذ زمن، وما زلنا نسمع عن محاولات يقودها رجال أفاضل. ونتساءل عن «النادي الثقافي الأدبي» الذي لم يعد له من اسمه نصيب. أما الحديث عن «النادي الرياضي» فيطول، فهو ما بين شد وجذب وصعود وهبوط، ولاعبوه دائما ينتظرون اللحظة التي يخرجون فيها الى أندية الرياضوجدة. دعونا أيضا نطرح استفهامات عريضة عن وضع «المدينة الصناعية» ونوعية «الصناعة» الموجودة بها التي هي في الغالب «تعبئة» وليست «تصنيعا» بالمعنى الحقيقي. وتستمر التساؤلات حول بقية منظومة «المؤسسات المدنية» وصولا لبعض «الإدارات الحكومية» وما تحمله من «بيروقراطية»، زيارة سريعة لإدارة «الأحوال المدنية» أو «كتابة عدل» أو غيرها في مكة ستؤكد أن الأوضاع تحتاج لمزيد من «العمل الاستثنائي» وكثير من «التطوير». دعونا نتساءل للمصلحة وبمنتهى «التجرد»: ما هو واقع الحال في مكةالمكرمة على المستويات مثلا «الثقافية» و«الأدبية» و«التجارية»؟ قد تكون جيدة.. ربما، ولكن هل هي بالمستوى الذي نتطلع إليه ونتمناه جميعا لهذه المدينة «الأعظم»؟ لا أعتقد ذلك. فنحن جميعا نأمل أن تتبوأ مكةالمكرمة مكانة عالمية مميزة جدا تليق باسمها ومكانته فهي المدينة التي أصطفاها الله سبحانه وتعالى لتكون ذات مكانة مميزة وهذا ما نريده لها دائما. وكم نتمنى أن نرى مكة كمدينة تتمتع ب«بنية تحتية» ذات مواصفات عالمية، وتتمتع بخدمات تعليمية وثقافية وصحية لا مثيل لها على المستوى العربي في ظل الاهتمام غير المحدود الذي تجده من خادم الحرمين الشريفين ومتابعة من أمير المنطقة خالد الفيصل، وكذلك «وحدة معمارية» ذات جمال أخاذ مستمد ومستلهم من تراثها وماضيها العريق، و«مطار» عالمي في ضواحيها يستقبل زوارها، و«متحف» راق يحكي تاريخها العريق، و«خدمات» عامة سريعة وقوية وميسرة، وكم أتمنى كغيري أن تزول «العشوائيات» التي وقف الأمير خالد الفيصل ضدها من أجل أن تكون مكة هي المدينة الأولى دائما. ونتمنى أن نرى مكةالمكرمة مدينة حديثة تتواكب مع متطلبات العصر والزمن الذي نحيا فيه. الآمال كبيرة والتطلعات سقفها عال جدا، وكلنا ثقة أن وصول مدينة مكة لمستوى مدن «العالم الأول» سيتحقق بإذن الله بدءا برصد الواقع ثم بوضع خطط طموحة وعمل جاد ومخلص وتكاتف بين القطاعين العام والخاص. فوصولنا لمستوى «العالم الأول» كان قديما عبر مكة، وحديثا سيكون أيضا عبرها إن شاء الله.