لا جدال على أن شروع وزارة الإسكان مؤخرا في تنظيم سوق الإيجارات من خلال دراسة متخصصة، يعد خطوة مهمة على الطريق الصحيح من أجل فض الاشتباك المستمر بين الملاك والمستأجرين منذ سنوات طويلة. ورغم أهمية المشروع في تحديد ملامح العلاقة بين الطرفين للحد من القضايا المتعلقة بالتعثر في السداد لأسباب مختلفة ما يلقى بظلال كثيفة على معدلات الاستثمار العقاري، إلا أن من المهم أن تعالج الدراسة المشكلة من الجذور لا أن تكتفى بالقشور والانحياز لطرف على حساب آخر. لقد كان من المؤسف للغاية في السنوات الأخيرة أن يتهرب غالبية الملاك من التأجير لمواطنين سعوديين خوفا من مشاكل متوقعة في سداد الإيجارات استنادا إلى الشكاوى والقضايا التي تعج بها المحاكم وأقسام الشرطة، ونظرا للصعوبات التي تكتنف تحصيل المتأخرات وصل الحال ببعض الملاك إلى استجداء المستأجرين مدعي التعثر المالي للخروج من السكن بدون دفع الإيجار المتفق عليه. ولعل البداية الصحيحة تكون من خلال دراسة معدلات الزيادة في الإيجارات خاصة خلال السنوات الخمس الأخيرة ومقارنتها بما قبلها لمعرفة أسباب هذه الطفرة الملموسة في الأسعار، أما الأمر الثاني الذي نؤكد عليه في هذا السياق، فهو أن النسبة الكبيرة من التضخم في المملكة مسؤول عنها بالدرجة الأولى ارتفاع الإيجارات خاصة في الفترة من العام 2008 إلى الوقت الراهن، حيث وصل معدل التضخم في بداية هذه الفترة إلى أكثر من 11 في المئة حتى تراجع إلى 5 في المئة حاليا . أما الأمر الثالث فهو أن الزيادة في الإيجارات تبدو عشوائية ولا تستند إلى رغبة المالك وحده ما يثير حالة من العداء والتوتر بين الطرفين. ولعل هذه المعطيات التي تشير إلى خلل واضح في بنية سوق الإيجارات تقود العاملين على هذه الدراسة إلى وضع أطر عامة لهذه القضية، تحدد شرائح للإيجارات انطلاقا من عمر المبنى وموقعه وطريقة التشطيب وغيرها. كما ينبغى أيضا أن يكون هناك برنامج واضح لتقنيين الزيادات المتتالية في الإيجارات بمعدل سنوى أو كل عامين وفق عقد موحد للايجار يخلو من الشروط التعسفية للملاك على حساب المستأجر. وفي اعتقادي يبقى من الضروري إعادة النظر في أسعار الأراضي التي باتت تشكل عقبة كبيرة أمام المستثمرين العقاريين ويدفع دائما باتجاه زيادة الإيجارات للطفرة الكبيرة في التكاليف، فضلا عن ضرورة الإسراع في إقرار نظام الرهن العقاري الذي يزيد من معدلات التمليك بين المواطنين وفق خيارات متعددة. * رئيس طائفة العقار في جدة