اعتدنا على كثرة التكهنات والآراء التي تصل حد الجموح في الخيال عندما يستجد شأن داخل المملكة، خصوصا إذا تعلق الأمر بقرارات مهمة كتعيين مسؤول في موقع صدارة خلفا لآخر. يظل الغير مشغولا بشأننا الداخلي أكثر مما نحن مشغولون، لسبب بسيط ومباشر هو أننا مطمئنون تماما لنظرة ومفهوم الأسرة المالكة في إدارة الدولة ومعاييرها في اختيار من يتولى المسؤولية، وأنه لا خلاف على هذا المبدأ بين أفرادها، وبالتالي تتم الأمور بسرعة وسلاسة وحسم، بينما الآخرون يستمتعون بإهدار الوقت في اختلاق أزمات وخلافات لا وجود لها إلا في أذهانهم، وكأنهم من وصفهم المتنبي بقوله: «ويسهر الخلق جراها ويختصم».. لا بأس في ذلك، فحتى لو كانت نوايا البعض غير حسنة فهذا قدر المملكة أن تظل مالئة الدنيا وشاغلة الناس. قبل وفاة الأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله أقام بعض المحللين حفلة تنظير طويلة حول على من سيخلفه، ازداد ضجيجها عند وفاته لإيهام السذج والتشويش على غير المدركين لحقيقة الواقع داخل البيت السعودي، لينتهي الأمر بهدوء شديد بتعيين الأمير نايف وليا للعهد، وهو ما كان منسجما تماما مع توقعات الذين يعرفون جيدا كيف يدار وطنهم. ذهب الأمير نايف إلى رحمة الله بشكل يكاد يكون مفاجئا ليستيقظ مرة أخرى فصيل التنظير، لكنه قبل أن يفرك عينيه كان ترتيب البيت قد تم باختيار الأمير سلمان بن عبدالعزيز خلفا له.. كان الأمير سلمان يستقبل المعزين في وفاة شقيقه نايف بالديوان الملكي في جدة، وفي ذات المساء صدر أمر الملك عبدالله بتعيينه، وتعيين الأمير أحمد بن عبدالعزيز وزيرا للداخلية، وأيضا كان هذا القرار مطابقا لتوقعات المواطنين.. وحين يأتي الأمير سلمان إلى هذا الموقع فإنه يأتي بحمولة كبيرة من الخبرة، ليس أميرا لمنطقة فحسب، أو رائدا للتنمية والتطوير وفارسا في الإدارة وخبيرا في فن التعامل مع مصالح الوطن، وإنما أيضا كرجل دولة منذ وقت طويل، ورمز وطني مهم، له يد طولى في رسم سياسات الدولة داخلا وخارجا، يأتي الآن إلى مكانه الطبيعي ليكون ساعدا وعضدا لمن اختاره عونا لتسيير شؤون الوطن، وكذلك الحال بالنسبة للأمير أحمد الذي كان الساعد الأيمن لأخيه الأمير نايف في وزارة الداخلية على مدى سنوات طويلة. وهكذا هو البيت السعودي، مالئ الدنيا وشاغل الناس بهدوئه وحكمته. [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة