.. في محكم التنزيل يقول رب العزة والجلال في سورة البقرة آمرا عباده بالإنفاق: «يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة» كما يقول عز من قائل في سورة سبأ : «وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين». وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكا تلفا». كما تروي أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما السيدة عائشة برواية الإمام الترمذي : «أنهم ذبحوا شاة، ثم وزعوها على الفقراء، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة : ما بقي منها ؟ فقالت: ما بقي إلا كتفها ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بقي كلها إلا كتفها». والمعنى واضح لا يحتاج إلى شرح فما تم توزيعه على الفقراء هو الذي سيبقى تنفعه يوم يقوم الناس لرب العالمين، فلا يغني هناك إلا ما قدم الإنسان في حياته من عمل صالح أو نفقة طيبة. كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله ؟ قالوا : يا رسول الله ما من أحد إلا ماله أحب إليه ! قال : فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر». قوله «أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله» أي أن الذي يخلفه الإنسان من المال وإن كان هو في الحال منسوبا إليه فإنه باعتبار انتقاله إلى وارثه يكون منسوبا للوارث فنسبته للمالك في حياته حقيقية ونسبته للوارث في حياة المورث مجازية ومن بعد موته حقيقية.. قوله «فإن ماله ما قدم» أي هو الذي يضاف إليه في الحياة وبعد الموت بخلاف المال الذي يخلفه. قال ابن بطال وغيره: فيه التحريض على تقديم ما يمكن تقديمه من المال في وجوه القربى والبر لينتفع به في الآخرة فإن كل شيء يخلفه المورث يصير ملكا للوارث فإن عمل فيه بطاعة الله اختص بثواب ذلك وكان ذلك الذي تعب في جمعه ومنعه وإن عمل فيه بمعصية الله فذاك أبعد لمالكه الأول من الانتفاع به إن سلم من تبعته ولا يعارضه قوله صلى الله عليه وسلم لسعد : «إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة» لأن حديث سعد محمول على من تصدق بماله كله أو معظمه في مرضه، وحديث ابن مسعود في حق من يتصدق في صحته وشحه. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 158 مسافة ثم الرسالة