طبيعي أن تسأم النفس من الروتين وتتطلع إلى الخلاص من الحيطان والأركان التي تركنها بعيدا عن المحيط الخارجي وتحيط وتحول بينها وبين كل ما ينفس عنها، ولكني أرى أن الحيطان التي تحول بيننا وبين السياحة الداخلية ما هي إلا حيطان وهمية صنعها أناس ناقمون على كل ما هو داخلي، فمقومات السياحة تركن داخلنا بغض النظر عما نتطلع إليه من التطوير، فالدين والعرف لا يكبلان تطورنا بل ديننا صالح لكل زمان ومكان وهو مع كل ما يبهج النفس ويسعدها وضد كل ما يضرها ويشقيها، وكل الراحة والسعادة في ديننا وفي مجتمعنا الإسلامي وكل شقائنا ما هو إلا من أنفسنا ومن تعلق بعضنا بما لدى الآخر، وما عدا ذلك فكلنا قادر على إسعاد نفسه وإنعاش سياحته الداخلية بما تتوفر لديه من مقومات وإمكانيات وتطويرها وفق دينه وعرفه وسعته وذوقه وتطلعاته فلا معوقات لدينا والحمد لله إلا في أنفسنا، فمثلا في المولات نجد جهودا جبارة للجذب السياحي وتطوير السياحة الداخلية ونجد شبابا يحاولون كسر حواجز أنفسهم ببراعة، وإمتاع الصغار والكبار بأزياء كرتونية وحركات بهلوانية وعروض وأناشيد منوعة تدخل المتعة إلى النفس، إضافة إلى ما يقدمونه من هدايا تجذب الصغار، رغم بساطتها إلا أنها تذهب السأم من أنفسنا حينما نشاهد سعادة الصغار بها، ولكنهم للأسف لا يجدون تفاعلا إلا من الأطفال والنسوة فقط اللواتي يحاولن مشاركة صغارهن، فلماذا لا نشارك جميعنا في اللهو واللعب والاستمتاع المباح؟ فما الذي يمنعنا كمجتمع من الخروج من قوقعة العيب وعزلتنا الاختيارية؟ التي نقوقع أنفسنا فيها داخل مجتمعنا وأهلنا وناسنا بينما نخرج منها عندما نسافر إلى الخارج ونتهم الدين والمجتمع أنه هو من يكبل حرياتنا لذا نلجأ للهروب عنه بعيدا بحجة البحث عن الحرية وقلة التكلفة وقد نخسر هناك الكثير والكثير ولا نبالي وقد نسافر إلى بلدان ليس بها شيء يتميز عن ما في بلادنا من الخير إلا أن أهلها بحبهم وولائهم لها وإحساسهم بجمال كل ركن من أرضهم وكل ذرة من ترابهم وقناعتهم بها جعلها في نظرهم ونظر السياح أجمل بلاد العالم، فالسياحة ليست حرية ناقمة أو ماديات مزعمومة بل تفاعل بين الناس بعضهم بعضا بروح الحب والمتعة والمشاركة بعيدا عن الحواجز النفسية التي تكبلنا، فما الذي يمنعنا من اللعب والمرح والمشاركة المباحة التي هي المقوم الأول لصناعة السياحة، فهذه الروح الجميلة هي التيتنشط السياحة الداخلية وتطورها بل وتبدع في تطويرها، (فأول الغيث قطرة) كما يقال، فكلما أعطينا السياحة أعطتنا لأننا نحن من ينشط السياحة، فمن وجهة نظري أرى أن السياحة في بلادي ولا أروع منها وكل يوم في تطور ولكنها تحتاج منا نحن المواطنين إخلاصا وحبا و تفاعلا يعمل على تطويرها، فمتى ما وجدت ذلك منا سوف نحصل على إبداع سياحي بكل المقاييس وننعم بسياحة داخلية ولا أجمل أمل مغربي (جدة)