تبذل الهيئة العليا للسياحة جهودا كبيرة في تطوير وعي المواطن بدوره المهم في تنشيط السياحة، سواء من خلال تشجيع رجال الأعمال للاستثمار السياحي أو توظيف المواطنين في هذا القطاع السياحي. ويعد المواطن عنصرا سياحيا مهما في نشاط المنظومة السياحية، فإلى جانب البنيات التحتية للقطاع السياحي فإنه يشكل وحدة سياحية ضرورية وأساسية تضمن نجاح المشروع السياحي لحد بعيد، فهو عنوان ترحيب كبير بالسياح وصورة سلبية أو إيجابية في أذهانهم عن البلد الذي يقصدونه من أجل الراحة والاستجمام والتعرف على تراثه وحضارته وإمكانياته الطبيعية. وقد أطلقت الهيئة أخيرا برامج التأهيل والتوظيف في قطاع السفر والسياحة، وطرحت نحو أربعة آلاف فرصة تدريبية في مجال الإيواء السياحي، إلى جانب جهودها في سعودة وظائف قطاع السياحة والسفر في كافة مناطق المملكة. ولا تغفل الهيئة دور المواطن في دفع عجلة السياحة ومواكبة التطور الذي تشهده السياحة في المملكة، خاصة دور القطاع الخاص الذي يجب أن يعي دوره في هذه المرحلة بالذات؛ إذ لا مانع من أن يستفيد هذا القطاع من تجربة الدول الرائدة في مجال السياحة، لكن الاستفادة هنا لا تعني بأي حال من الأحوال أن نأخذ كل ما ينبثق من السياحة في تلك الدول، بل لا بد أن تكون سياحتنا متماشية مع ظروف بيئتنا ومجتمعنا المحافظ الذي يستمد مبادئه من تعاليم ديننا الحنيف. فالسياحة في بلادنا لا تزال بحاجة ماسة إلى زيادة في مستوى التوعية والتثقيف لدى المواطن، وهذا الدور التوعوي تقع مسؤوليته الكبرى على وسائل الإعلام المختلفة للقيام بدورها في هذا الخصوص سواء المرئية منها أو المسموعة أو المقروءة. وتنشيط السياحة الداخلية وجذب السياح من الخارج يتطلب استجابة مناسبة من المواطن لتحقيق التلاحم المنشود من خلال التواجد وتعريف الأبناء على ما يوجد داخل المملكة، بإقامة المشاريع السياحية التي تمكنهم من الاطلاع على هذه المعطيات التي قد لا يوجد لها مثيل في العالم، وإلى جانب ذلك توفر الأمن الذي تتمتع به المملكة بامتياز يضيف إلى رصيدها السياحي بعدا حيويا ومهما في عملية الجذب السياحي. فأي دور سلبي يقوم به المواطن تجاه ضيوف بلده يُذهب كل برامج السياحة التي يمكن أن تنظمها بلاده في مجال تطوير القطاع السياحي أدراج الرياح، لأن السياح يفضلون ألفة مواطني البلد وإظهار ترحيبهم بهم كإشارة تطمئنهم على الإقامة والتفكير في الرجوع مرة ثانية وثالثة، كلما أتاحت لهم الظروف قضاء فترات من الوقت في أجواء هادئة وسط مواطنين يرحبون بهم ويقدمون لهم المساعدة للتعرف على بلدهم وتراثهم، والتمتع بأي مقومات طبيعية لا تتوافر في بلدان هؤلاء السياح. وكل هذه العوامل تؤكد أن المواطن عنوان بلده، ويلعب دورا مؤثرا في تنشيط السياحة الداخلية وجعلها جاذبة، فالعنصر البشري يوفر قدرا كبيرا من التواصل مع الآخر العابر للأجواء والبحار لزيارة هذا البلد أو ذاك، خاصة أن العالم أصبح قرية صغيرة والعملية الاتصالية فيه أصبحت أكثر فاعلية وتفاعلا عما كانت عليه في السابق، وبالضرورة ينتج عن ذلك ردات فعل وانطباعات تتوقف على أساليب مواطني الدول في استضافة هؤلاء وتعاملهم معهم.