أكد سفير خادم الحرمين الشريفين، والمندوب الدائم للمملكة لدى الجامعة العربية، أحمد بن عبدالعزيز قطان أن العلاقات السعودية المصرية فوق الشبهات وأسمى من الخلافات، وأقوى من الرسوخ الضارب في أعماق التاريخ نسبة للترابط الديني والثقافي والاجتماعي والسياسي. ففي الجانب السياسي هناك تطابق كبير في توجهات البلدين الكبيرين تجاه معظم القضايا الإقليمية، والأوضاع السائدة في العالم وفي مقدمتها القضايا العربية والإسلامية. دعمنا الشعب بعد الثورة وشدد السفير قطان في حواره ل «عكاظ» على أن هذا التماسك القوي والراسخ في علاقات البلدين سيظل بمنأى عن أية اهتزازات أوهزات عنيفة، وصامدا في وجه التكتلات الدولية والإقليمية العديدة. مشيرا إلى أن هذا الارتباط الحميم لا تراجع عنه. موضحا أن مجريات الأوضاع في مصر، والأحداث المتسارعة لن تؤثر على جوهر العلاقات المتميزة بين البلدين حيث تسعى المملكة إلى استقرار وأمن مصر، وتجنيب شعبها الشقيق أية مضاعفات نتيجة احتدام التطورات السياسية التي نأمل أن تفضي إلى استقرار مصر بإذن الله في القريب العاجل. • وحول الوضع المصري واستقراره ودوره في المنطقة أفصح السفير قطان في حديثة قائلا « إن المملكة تؤمن بأن استقرار مصر له أهمية كبرى على مستوى المنطقة، وهو يعني للمملكة الشيء الكثير، والعكس صحيح ولذلك فقد استمر تضامن المملكة مع مصر والشعب المصري ثابتا في كل الأحوال والظروف لأن هذا القرار يحرص عليه البلدان الشقيقان، بل إن دعم المملكة للأشقاء المصريين تجلى بعد ثورة 25 يناير في شكل مساهمات بحدود أربعة مليارات دولار ليؤكد قوة هذا الترابط الأخوي بعيدا عن أية ظروف داخلية يتعامل معها الشعب المصري بما يراه مناسبا له. لاتدخل في شؤون مصر • وبعيدا عن الإسقاطات التي حاولت أن تدس على المملكة بعض الايحاءات الخاطئة تجاه موقفها من الثورة فإن استمرار دعم المملكة لمصر في هذا الظرف بالذات يعتبر أبلغ رد على هذه التخرصات المغرضة، كما يؤكد أن علاقة المملكة بمصر استثنائية، وأن الشعب المصري يلقى من المملكة كل التقدير والاحترام القائم على مبدأ عدم التدخل بالشأن الداخلي، وهذا ما يجعلنا نقف على خط واحد من جميع المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية. دعمنا هو الوحيد • وعن الدعم الذي تقدمة المملكة للإخوة المصريين وخاصة في هذه المرحلة الحرجة الذي دخل حيز التنفيذ منذ فترة طويلة وفق الأولويات التي عبر عنها الإخوة المصريين قال سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مصر « أستطيع أن أؤكد أنه الدعم الوحيد الذي قدم للأشقاء المصريين في هذه المرحلة، والظروف الحرجة بهذا الحجم الكبير وهذا يؤكد حرص المملكة على الشعب المصري واهتمامها بشؤونه في كل الأحوال حيث إن برنامج الدعم الاقتصادي يتكون من ثمانية بنود بعضها مناط بالصندوق السعودي للتنمية. ** وأوضح السفير قطان أن وفدا من المسؤولين في الصندوق السعودي للتنمية قام في نهاية شهر مايو الماضي بزيارة لجمهورية مصر العربية، وقابل المسؤولين المصريين في كل من وزارة التعاون الدولي، ووزارة الموارد المائية والري، ووزارة الإسكان. وذلك لاستكمال البنود الواردة في برنامج الدعم الاقتصادي المقدم من حكومة خادم الحرمين الشريفين لجمهورية مصر العربية، والمناط تنفيذها بالصندوق السعودي للتنمية. 3 مشاريع حيوية لمصر • وأشار إلى أن الوفد قيم ثلاثة مشروعات تقدمت بها الحكومة المصرية الأول بمبلغ (60) مليون دولار لتزويد مدينة نصر بمياه الشرب، والثاني بمبلغ (80) مليون دولار لإحلال وتجديد طلمبات الري بوزارة الموارد المائية والري، والثالث بقيمة (90) مليون دولار لإنشاء صوامع أفقية لتخزين الحبوب. وسوف يتم عرضها على مجلس إدارة الصندوق لإقرار تنفيذها في أسرع وقت ممكن. وأضاف السفير أن حكومة خادم الحرمين الشريفين نظرا للظروف الراهنة التي تمر بها مصر استثنتها حيث ستنفذ لها كافة المشاريع التي تقدمت بها، وإن الصندوق يقوم عادة بتنفيذ مشروعين كل سنة للمساعدات المناط به تقديمها. ** وكشف السفير قطان أنه سيتم تشكيل لجنة مشتركة تضم الصندوق السعودي للتنمية، ووزارة التخطيط والتعاون الدولي بشأن دعم المشاريع المتوسطة والصغيرة بمبلغ (200) مليون دولار حيث سيتم في القريب العاجل تنفيذ هذه المشاريع، وسيصرف هذا المبلغ على دفعات حسب التفاهم الذي سيتم بين الجانبين وتهدف هذه المنحة إلى مساعدة المواطنين المصريين ذوي الدخل المحدود مؤكدا أن مبلغ ال(200) مليون دولار سيوضع في حساب دوار يصرف منه حسب تقدم سير العمل في المشاريع التي سيتم الموافقة عليها. • ولفت السفير السعودي إلى أن البند المتعلق بفتح خط ائتمان لتمويل صادرات سعودية غير نفطية بمبلغ (750) مليون دولار قد تم استثناء مصر منه بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين حيث أمر «حفظه الله» بتصدير ما قيمته (250) مليون دولار من الغاز نظرا للنقص الشديد الذي تعانيه مصر وسيتم تصدير الغاز على دفعات متتالية خلال الفترة القصيرة المقبلة منوها أن هذا يأتي في ظل حرص خادم الحرمين الشريفين على دعم الاقتصاد المصري في الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها والذي يعود في الوقت نفسه على أمنها واستقرارها . ** وحول دور سفارة خادم الحرمين الشريفين والقنصليات في تسهيل إجراءات الحجاج والمعتمرين المصريين قال السفير قطان «حقيقة أن هذا الدعم من المملكة لا يمثل شيئا مقارنة بالوشائج القوية المتميزة التي تجسد لحمة العلاقة المتميزة وخاصة عبر أحد أهم مساراتها لما يكنه الشعب المصري من تقدير بالغ للمملكة لكونها خادمة الحرمين الشريفين بقيادة الملك عبدالله خادم الحرمين الشريفين والذي يعطي أولوية مطلقة لتسهيل الوصول إلى الحرمين الشريفين أقدس البقاع على وجه الأرض وبكل يسر وسهولة، ولهذا فإن التشرف بخدمة ورعاية المعتمرين والحجاج والزوار المصريين محل أولوية مطلقة لحكومة خادم الحرمين الشريفين، والوزارات المعنية، وسفارة خادم الحرمين الشريفين حيث يشكل هذا البعد الروحي والإيماني العميق قيمة كبرى لدى الأشقاء المصريين، الذي يلقى تقديرا خاصا لقيادة المملكة لما يبذلونه من جهود حثيثة لتذليل الصعاب والعقبات أمام ضيوف الرحمن من أجل أداء مناسكهم بيسر وسهولة . إنجاز جوازات المعتمرين خلال 24 ساعة • وبشأن معالجة الإشكالات التي يواجهها زوار الحرمين الشريفين من تأشيرات ونقل .. أشار السفير قطان قائلا «إن إجراءات الحج والعمرة وصلت إلى نتيجة مرضية حيث انتظمت العلاقة بين وزارة الحج، وشركات الحج والعمرة في المملكة بشكل يليق بهذه المكانة المقدسة لبلادنا لتخفيف الأعباء عن قاصدي العمرة والحج. وأستطيع أن أؤكد أن إنجاز الجواز أصبح لا يتجاوز 24 ساعة يتم خلالها إنهاء كافة الإجراءات المطلوبة بسلاسة تأمينية دون تدخل من أي أحد إلى أن تحصل شركة العمرة على هذا الجواز من الصندوق المخصص لها في السفارة،كما أن هذه التنظيمات القنصلية مكنت من القضاء على أي شكل من أشكال الاستغلال أوالتعطيل أوالتأخير للحصول على تأشيرة العمرة أو الزيارة. وكذلك القضاء على ظاهرة الافتراش والتخلف بعد الزيارة داخل المملكة. • واستطرد السفير قطان قائلا إن هذا الجهد لم يقتصر على الجانب السياسي فقط، بل امتد أيضا إلى تطوير الإجراءات داخل أروقة القنصلية، ومكتب الرعايا السعوديين حيث سيتم قريبا تنفيذ توجيهات سمو وزير الخارجية المتعلقة بتطبيق برنامج يسهل خدمتهم وسرعة إنجاز طلباتهم ومعاملاتهم . ويضيف « نحن ماضون في تحسين الإجراءات وتطويرها إلى أن تصبح جميع المعاملات إلكترونية بالكامل بحيث يستفيد الإخوة المواطنون المقيمون في مصر، أو الزوار الذين لديهم أعمال أو متطلبات وبالطبع هذه النقلة الهامة ستكون بإذن الله عند الانتهاء من بناء برج السفارة السعودية في سبتمبر المقبل والذي سيطور العمل في أروقة السفارة بما يتيحه من إمكانات وتنظيمات حديثة، ومتطورة، وسيعيننا أيضا على إنهاء إعادة الهيكلة التي تتطلبها مقتضيات التطوير الإداري والتنظيمي خاصة أن لدينا أجنحة عديدة هامة. أكثر من مليون ونصف المليون تأشيرة • أما فيما يتعلق بقسم السعوديين الذي يخدم مئات الآلاف من المواطنين السعوديين رغم عدم وجود أرقام دقيقة تمكننا من تحديد آفاق خدماتنا ومع ذلك فأتوقع أن الرقم تقريبي، كما أن هناك حوالى ثلاثة آلاف طالب سعودي ولدينا ملحقية ثقافية نشطة تعكف أيضا على تطوير وتحسين مهامها ولا يقتصر الجهد على الطلبة المنتظمين، فهناك الدورات التدريبية وكذلك الطلبة غير المقيمين. وحول التحسينات التي تجرى في القسم القنصلي لخدمة المواطنين والمعتمرين قال السفير قطان «القسم القنصلي وهو الجناح الهام في عمل السفارة والذي شهد تحسينات كثيرة مصحوبة بمنهجيات انضباطية وفرها القنصل عبدالعزيز الرقابي والتي تزامنت مع زيادة مهولة جدا في أعداد المعتمرين.. والحمد لله أن إنجاز هذه المهمة يتم بنجاح تام كما أن إنجاز تأشيرات العمرة والتي أصبحت تنحصر في العناصر المتميزة علميا وعمليا إلى جانب العمالة الكبيرة في المملكة والتي تصل في مجملها إلى 1.5 مليون مصري لتلبية احتياجات التنمية والمشاريع الضخمة والكبيرة التي يجرى تنفيذها في المملكة في الوقت الراهن.. ونحن في الواقع نستطيع أن نقول إن المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله تحولت إلى ورشة عمل كبيرة، وهذا ما يجعلنا نطور من أدواتنا القنصلية لنواكب طفرة الإقبال على استقدام العمالة المصرية. 100 متعاقد في السفارة • وعن الجانب البشري والكفاءات الوطنية العاملة في السفارة عبر السفير قطان عن اعتزازه بالكفاءات السعودية التي تم استقطابها لتكون فرق العمل في السفارة أو حتى في مقر مندوب المملكة الدائم في الجامعة العربية، حيث تم اختيار هذه الفرق بعناصر عمل سعودية مؤهلة ومتمرسة يبلغ عددها أكثر من 60 دبلوماسيا ومائة متعاقد سعودي. إضافة إلى أنشطة أجنحة السفارة الأخرى مثل الملحقية العسكرية حيث تشهد حراكا تنمويا، من خلال أنشطتها الكثيرة بما فيها الدورات التدريبية العديدة للقطاعات العسكرية إلى جانب الطلبة الدارسين. • وعن دور المكتب الإعلامي الذي تم إنشاؤه وتجهيزه ليواكب حمله التحسينات التي تشهدها سفارة خادم الحرمين الشريفين في القاهرة أكد السفير قطان قائلا «إن السفارة تسعى إلى تحقيق الأهداف المرجوة وفق توجيهات خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو وزير الخارجية الدائمة والسديدة وبما يدعم كل خطوات التحديث، والتنظيم والتطوير، وهو ما أثمر هذا الحضور المتميز لبعثة خادم الحرمين الشريفين الدبلوماسية في مصر، وتصديها لمهامها بكل حماس وفي مقدمة كل ذلك خدمة المواطن السعودي بما يليق به على الوجه الأكمل، وكذلك خدمة الأشقاء المصريين وتسهيل مهماتهم». وفي ختام حديث السفير قطان ل«عكاظ» عن تطورات الأوضاع في مصر، والدور الإعلامي.. أكد على أهمية دور الإعلام في هذه المرحلة الراهنة والذي يتوجب عليه أن لا يستجيب لأي استفزازات مغرضة دون التوثق والتحقق منها، معربا في الوقت ذاته عن عدم رغبته الخوض في موضوع قضية «الجيزاوي» لأن أمره أمام القضاء السعودي العادل. مشيرا إلى تسرع البعض في إصدار أحكام غير منطقية، ولا موضوعية متمنيا عدم الانجراف وراء الحملات المغرضة والتي تحطمت أهدافها على صخرة العلاقات السعودية المصرية الراسخة والضاربة في أعماق التاريخ وهذا ما تجلى في اللقاء المبارك الذي استقبل فيه خادم الحرمين الشريفين كل أطياف الشعب المصري الشقيق، وعبر لهم في كلمته الرائعة عن تقديره لمصر وشعبها وإحساسه بهمومها وآلامها.