وهو يتلقى الطعنات القاتلة التي يسددها بالتناوب مجموعة من المتآمرين عليه، كان يوليوس قيصر يواجه مصيره بصمت وهدوء، إلى أن لمح صديقه بروتس، ذلك الذي كان القيصر قد أكرمه، وأعلى منزلته ومنحه الكثير من الامتيازات فوجئ القيصر ببروتس وهو يشارك البقية في تسديد الطعنات إلى أحشائه، فنظر إليه بانكسار قائلا: حتى أنت يابروتس ؟ حتى أنت ؟؟ عبارة في منتهى الوجع، والإحباط، وخيبة الأمل، تخرج كزفرة موجوع في لحظاته الأخيرة، كلما كان هناك بروتس بوجه قديم متجدد، قد يتخلى عن خنجره التقليدي، لكنه يحتفظ بسمها عبر أدوات تتغير، وتتطور بتطور الزمن. في معلقته الشهيرة يقول طرفة بن العبد – الذي من المفارقات الحزينة أنه مات غدرا – : وظلم ذوي القربى أشد مضاضة / على المرء من وقع الحسام المهند، وهؤلاء الموصوفون بذي القربى، قد يكونون أقارب من النسب، أو أقرب منهم، أعني من تختارهم أنت بنفسك من بين جموع البشر الذي تقابلهم في مسيرتك الحياتية، وإذا كنت في الحالة الأولى، لم تختر أقاربك، ولم تصطفيهم، لكنك في نهاية الأمر جزء منهم، فقد فعلت في الثانية، وكانت قائمة الخيارات أمامك مفتوحة وشاسعة بما يكفي لأن تكون دائرة هي كلك، لا بعضك، وهي عصارة مسيرتك في دروب الحياة الشائكة، ومن هو داخل هذه الدائرة يختلف كليا عن كل من هو خارجها، ومن هنا تكمن مصيبة بروتس الذي لا يشبه أحدا غيره فهو العين، والعكاز، والشمس، والهواء ، وكلما نحتاجه للبقاء على قيد الأمل ... الأمل الذي ترتبك حروفه وتتبادل المواقع عندما يكون ذلك الشخص هو بروتس بلحمه وورمه وألمه ...