من الصعب أن تقول إنك استمتعت بقراءة تفاصيل جريمة قتل بشعة، لكنك تسعد وتفخر بتفاصيل فك رموز تلك الجريمة المحبوكة الخفية بجهد رجال التحري من عسكريين ومدنيين، تسعد بأن روح الضحية البريء لم تذهب هدرا، ولم يسجل إزهاق نفسه ضد مجهول، وتفخر برجال يعملون ليل نهار بكل إخلاص وتضحية وتفان، ويؤدون واجباتهم في زمن شح فيه أداء الواجب، ووجب فيه تشجيع المخلص وتقديم الشكر والمكافأة له، حتى لو تم ذلك داخل أروقة عمله بسرية تكفل سلامته واستمراره في أداء واجباته، لكن التشجيع المادي والمعنوي لرجال ونساء المباحث الجنائية، ورجال الطب الشرعي، ورجال الشرطة أمر حتمي ضروري مستحق، ويجب أن نطالب به على كافة الأصعدة. شعرت بفخر كبير وأنا أقرأ خبر (عكاظ) أول أمس الأحد بعنوان (قتلوا عاملا هنديا وسرقوا 37 ألف ريال .. البذخ يطيح بعصابة الثعالبة) ولست هنا لأعيد رواية الطريقة التي توصل بها رجال التحري، و البحث الجنائي بمساعدة المختصين في الطب الشرعي لجناة فر وا بفعلتهم، وذابوا داخل أحياء مكتظة وقدرة رجال الأمن بشرطة محافظة جدة على زرع مصادر سرية جمعت المعلومات حتى وصلت للجناة، فمن يريد التفاصيل يمكنه الرجوع لها في موقع (عكاظ)، ما يهمني هنا هو أن الموقف بكل عناصره يصب في مصلحة تأكيد الثقة في قدرة رجال الأمن على التعامل الجاد مع الجريمة، والوصول للجناة في وقت كثر فيه الحديث عن ضعف هذا الجانب. أسباب الحديث عن ضعف هذا الجانب وجيهة هي الأخرى، ومن أهمها الشكوى من تراكم ملفات سرقة السيارات، والمنازل التي لم يتم التفاعل معها كحالات منفردة كما يجب وإنهاؤها بإعادة الحقوق، والقبض على الجناة. وإن كانت الإطاحة الجماعية بعدد من العصابات تتم بمعدلات مقبولة، لكن عناصر جريمة (الثعالبة) تلك تنفي أي ضعف فالضحية عامل اغتيل بأيدي عصابة من عدة جنسيات لا تمت له بصلة، وفي موقع غير مراقب بكاميرات، ودون إدلاء ببلاغ أو شهادة أو رسم مشتبه به، والجناة ذابوا في مناطق مأهولة بأمثالهم ومع ذلك قبض عليهم، والأهم أن يكون عقابهم رادعا بتنفيذه في الحي الذي ظنوه مخبأ.