من المضحكات المبكيات أن يصدر قرار يراد به إنصاف شريحة من المجتمع فتدفع ثمنه شريحة أكبر، ثم تقول الجهة التي أصدرت القرار: وأنا مالي.. ينطبق هذا المثل تماما على ما فعله ملاك المدارس الأهلية مؤخرا حين عقدوا سلسلة اجتماعات (غير معلنة) كما ذكرت هذه الصحيفة يوم أمس، تمخضت عن قرارهم بزيادة الرسوم الدراسية للعام القادم بنسبة 40% تحت ذريعة «ارتفاع التكاليف التشغيلية وما تقدمه من خدمات للطلاب والطالبات» وهي حجة غير صحيحة أبدا لأن الطلاب والطالبات يدفعون مقابل أي خدمة تقدمها المدرسة أضعاف ثمنها الحقيقي، وأما التكاليف التشغيلية فإن المدارس تجني مقابلها أضعافا مضاعفة، ولو تم التدقيق الفعلي في حسابات أي مدرسة لثبتت هذه الحقيقة التي يعرفها الجميع.. المدارس الأهلية قررت هذه الزيادة لأن وزارة التربية والتعليم رفعت الحد الأدنى لرواتب الكوادر التعليمية في المدارس الأهلية إلى 5 آلاف ريال، رغم أن صندوق الموارد البشرية يدفع 50% من الرواتب، علما بأنها قد رفعت الرسوم في بداية العام بنسبة 30% أي أن أسرة الطالب أو الطالبة في المدرسة الأهلية سترضخ لزيادة في الرسوم تصل إلى 70%، وفي المقابل تقول وزارة التربية والتعليم إنها لن تتدخل في تحديد رسوم المدارس الأهلية لأنها جزء من القطاع الخاص!!. جزى الله وزارة التربية والتعليم خير الجزاء على اهتمامها بالمعلمين، لكن الشكر الحقيقي يجب أن يذهب لأسر الطلاب والطالبات لأنها هي التي ستتحمل ثمن هذه الزيادة. وما دامت الوزارة مهتمة فإننا نرجوها قبل أن يخبو اهتمامها أن تبحث بجدية حقيقة الخدمات التي تدعي المدارس الأهلية أنها تقدمها للطلاب والطالبات، ولو فعلت ذلك ستجدها في كثير من المدارس غاية في الرداءة رغم أنها مدفوعة الثمن. بل عليها مراجعة مستوى الكوادر التعليمية المستوردة في كثير من المدارس لتكتشف أنها غير صالحة لتعليم هذا الزمن.. هناك مدارس أهلية محترمة ربما تستحق ما تفرضه من رسوم عالية، لكن أغلب المدارس لا تزيد عن خرائب تعليمية لا هم لها سوى الربح المادي دون ضوابط ما دامت الوزارة تقول: وأنا مالي..