الفراق واقع لا مفر منه ، والموت حق لا جدال فيه (كل نفس ذائقة الموت) . ولكن يظل فراق الإخوان والأحبة ومن لهم في قلوبنا مودة ألما يسكن القلب ، ودمعة تبلل الخد ، وحزنا يلتف بالنفس كما السوار حول المعصم . وبالأمس القريب فقدنا واحدة من خيرة أخواتنا ونسائنا لها من المحاسن الكثير ، ومن الفضائل الجليل ، ومن المآثر العديد . وإنني أصدقكم القول عندما شرعت بالكتابة عنها شعرت قلمي يقطر حزنا وهو يسكب مداده رثاء عليها ، وأحسست الفكر والذهن قاصرا في سرد فضائل تلك المرأة الخلوق ، فمآثرها وصفاتها لا يمكن ان تسعها مثل هذه السطور . أم قيس ... جميعنا يذكرك فقد كنت مثالا للأخلاق الفاضلة والتواضع الجم والطيبة المشهودة . كنت مثالا للمرأة المسلمة المحجبة والمؤمنة الخاشعة أشهد الله ما رأيت أحدا يخشع في صلاته ويطيل الركوع والسجود في الفرائض والنوافل مثلك أسأل الله تعالى أن يجعلك ممن قال فيهم (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون) . أما الحديث عن صبرك واحتسابك في مرضك فإنك كنت مثالا للصابرات المحتسبات ، فقد ابتلى الله تلك المرأة بمرض عضال قبل سنوات خضعت لأكثر من عملية جراحية اقتربت للموت مرارا ، ولازمت المستشفى أياما ، تردد بلسانها المؤمن بقضاء الله وقدره ... الحمد لله ... الحمد لله ... ربنا كريم . أسأل الله الكريم ان يجعلها ممن قال فيهم (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) . أما عن رضى الزوج عنها فهنيئا لها ، فقد حدثني بعد رحيلها وهو يذرف الدمع عليها ويعتصر الما بفراقها انه عاش مع تلك الفقيدة الغالية اكثر من اربعة عقود لم ير فيها الا الزوجة الصالحة المطيعة التي ان رآها سرته وإن غابت عنه حفظته أرجو الله ان يجعلك ممن قال فيهم شفيع هذه الأمة صلى الله عليه وسلم (من ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة) . أم قيس ... إن عزاءنا فيك شهادة الناس فيك فو الله أكاد أجزم أن ما من أحد عرفك عن قرب وتلقى خبر رحيلك إلا ذرف الدمع وتوشح الحزن الما لفراقك ،وحسرة على غيابك ،وذكرك بخير ،واسترسل بذكر محاسنك ،وانهال بالدعاء والمغفرة لك . نسأل الله العلي القدير أن يبلغنا جميعا حسن الخاتمة وأن نلقاه وهو راض عنا . وأن يجبرنا في مصابنا ويجبر والدتها وأبناءها وأخواتها وزوجها ويجعلنا من الصابرين الذين قال فيهم عز وجل (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون). حسين حمزة عويضة