معظم ثقافتنا في وقتنا الحاضر وجل ما نقضيه من ساعات طوال اليوم محصورة في صفحات التواصل الاجتماعي، فأصبح الغالبية العظمى منا يملك حسابا خاصا به في تلك الصفحات يدير رحاها كل من منبره ليسطر فيها ما يعكس توجهاته، وميوله، وتطلعاته، ويحاكي فيها النماذج التي هي أقرب ربما إلى طريقة تفكيره وأضحت منبرا لمن لا منبر له . فهل بلغت بنا تلك الصفحات لسقف الكفاية؟ ووجدنا فيها ضالتنا المنشودة لنعبر فيها عن آرائنا بحرية، أم أنها تركتنا بمعزل عن ما تطرحه دور النشر وعجلت بالنعي للصفحات الورقية وقدمت لها وافر العزاء والمواساة، فأصبحنا بمنأى عن خير جليس (الكتاب) فسلب منا ذاك النهم والحب للقراءة والاطلاع، وأورثنا السأم والملل حتى عن قراءة مقال واحد فاكتفينا بالمعلومة السريعة والبسيطة والتي تفتقر ربما للمصداقية والتي لا تتجاوز السطر والسطرين غير مدركين بأن الرشفة لا تروي العطش وأن خير جليس لا غنى عنه، وما استقيناه من تلك الصفحات حتما سينضب فهي ليست سوى خيط دخان ستذهب به الرياح أدراجها وتبقى حسنة (التواصل) تدق الأبواب على من نعرف ومن لا نعرف.