يتحدث الناس اليوم عن «جن الأرض» التي سكنت مستشفى «عرقة» بالرياض، فماذا عن «جن الإنس» التي هجرت المستشفى منذ ولادته قبل حوالي 20 عاما وحولته من مستشفى معمور إلى بناء مهجور في الوقت الذي لا يمر يوم دون أن يشكو فيه القطاع الصحي من ندرة الأراضي و شح الأسرة ؟! لا يهمني حال المستشفى اليوم و لماذا يبدو مهجورا رغم موقعه الحيوي ورغم كل التجهيزات الثمينة التي خلفت بين جدرانه؟! بقدر ما يهمني معرفة الأسباب التي حالت دون تشغيل المستشفى كمركز نقاهة وتأهيل وعناية بمرضى الرعاية الطويلة الأجل كما كان مقررا له ليسهم في حل مشكلة أزلية يعاني منها القطاع الصحي مع مرضى الرعاية الطويلة ومشكلة شغلهم لأسرة المستشفيات، ويوفر على الدولة التكاليف الباهظة التي تدفعها وزارة الصحة لمستشفيات القطاع الخاص مقابل شراء خدمة العناية بمرضى الرعاية الطويلة الأجل والتي تصل إلى أكثر من ألف ريال يوميا مقابل كل سرير؟! ولو كان الخبر عند «جن الأرض» التي تسكنه كما يشاع لكان من السهل استحضارهم وسؤالهم، لكن الخبر اليقين عند «جن الإنس» التي واكبت مراحل ولادته وتأرجحه بين أفكار ومشاريع تشغيله فمن يستحضرهم ومن يستنطقهم ليكشفوا لنا أسرار مستشفى «عرقة»، ويميطوا اللثام عن غموض هذا الصرح المهجور! لقد حركت «الجن» مياه مستشفى «عرقة» الراكدة وأهدت القطاع الصحي هدية ثمينة كادت تدفن في ثرى النسيان إلى الأبد!