في آخر جلسة محاكمة لمتهمي كارثة سيول جدة واجه القاضي أحد المتهمين بوثائق جديدة يبدو أنها دامغة وكافية لدحض أقواله وتبريراته السابقة إلى درجة جعلته يجهش بالبكاء ويدعي أن التهم المنسوبة إليه ليست لها علاقة بعمله في الأمانة، وأن ما تسلمه من مبالغ لم تكن رشوة وإنما مبالغ مساهمات عقارية، مضيفاً أن اعترافاته السابقة أخذت منه عنوة أثناء سجنه في غرفة انفرادية.. ومع إيماننا أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته النهائية إلا أن هذا القيادي السابق في أمانة جدة يكاد يصور لنا أنه كان معتقلا سياسياً في أحد سجون الأنظمة القمعية التي تأخذ الاعترافات بالتعذيب، وليس متهماً في قضية منح فيها كل حقوق المتهم وتمتع بكل الفرص القانونية التي تتيحها له أنظمة المحاكمة.. هذا المتهم (القيادي السابق الشهير) لم يكن في حاجة للبكاء بعد (الشنة والرنة) لولا أنه وضع نفسه موضع الشبهة التي قادت إلى الاتهام ثم المواجهة بالأدلة. لا يستطيع أحد أن يجر إنساناً إلى التوقيف والمحاكمة دون سبب، ودون أن يفتح الإنسان على نفسه الثغرات التي تبرر ذلك. الدموع لا تفيد بعد أن يهدم الإنسان اسمه وسمعته ولا تجدي بعد أن يكتشف الناس أنه كان يغالطهم بقناع الأمانة والنزاهة.. أما المتهم الآخر الذي يملك 6 شركات لها علاقة بأعمال الأمانة فإنه يحاول الادعاء بل التأكيد، أنه أنشأها بعرق جبينه خلال عامين فقط بعد تقاعده من عمله، أي بمعدل شركة جديدة كل أربعة أشهر. ومثل رجل الأعمال هذا بعبقريته الخارقة وقدراته الفذة يجب أن تفرد له صحيفة «وول ستريت جورنال» صفحتها الأولى، أو تخصص له مجلة «فور تشن» ملحقاً خاصاً لأنه نموذج فريد يحتذي به رجال الأعمال الناشئون، لولا أنه نموذج مريب، ويصعب أن يصدقه أحد أنه حفر الصخر بأظافره وجمع المال الكافي لإنشاء ست شركات خلال عامين فقط.. هذان النموذجان عبرة مهمة لمن أراد أن يعتبر، ودليل مهم على أن دنيا الزيف والتمثيل لا تدوم، وأن القناعة والأمانة هي التي تحفظ كرامة الإنسان، وأنه مهما ارتفع بوسائل غير مشروعة فإن السقوط المدوي هو مصيره في النهاية.. اعتبروا أيها المسؤولون الذين يراودهم الشيطان.. [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة