توفيت أميرة الطرب العربي الفنانة وردة الجزائرية إثر سكتة قلبية مفاجئة داهمتها البارحة في القاهرة عن عمر ناهز 73 عاما. وأكد التلفزيون الرسمي الجزائري خبر وفاة الفقيدة، وأمر الرئيس بوتفليقة بدفن جثمانها بالجزائر. وسادت حالة من الحزن العميق إثر إعلان وفاتها بين محبيها الجزائريين والمصريين والعرب، وسادت استوديوهات القاهرة وعامليها وروادها من موسيقيين وملحنين ومهندسي صوت حالة كبيرة من الحزن على رحيل «الوردة». كانت حالة النجمة الكبيرة الصحية قد تدهورت خلال الاسبوع الاخير، الامر الذي عطل رحلة كانت ستقوم بها الى الجزائر العاصمة وباريس. يذكر ان وردة خلال الاشهر الاخيرة كانت محاطة برعاية مشددة من ابنها ومدير اعمالها رياض وسكرتيرتها نجاة والكوافير الخاصة بها التي تكون معها في مواقع العمل دائما فاطمة، كان آخرها في احد قصور منطقة عرابي طريق القاهرةالاسماعيلية حيث صورت مع النجم الكبير عبادي الجوهر عملهما الدويتو المشترك (زمان ماهو زماني) من اخراج شريف صبري، وهو العمل الذي احتفت وتحتفي به الفضائيات بشكل يومي، وكان فنان العرب محمد عبده قد سجل اعجابه بهذا العمل عندما نقلنا اليه خبر وفاتها البارحة بقوله «إنا لله وإنا إليه راجعون، لقد كانت وردة زميلة وصديقة عزيزة وأذكر ان صداقتنا تلت خلافا بيننا في حفل من حفلات «اضواء المدينة» كان سببه المباشر صلاح معوض في القاهرة وانتهى الحفل بانسحابي منه وعدم غنائي فيه، كان ذلك في السبعينيات الميلادية. عموما كنت قد استمعت إلى الدويتو الاخير بينها رحمها الله وعبادي وكان عملا موفقا.. كان جميلا. رحم الله وردة لقد كانت فنانة كبيرة بلا شك وجمعتني بها الكثير من اللقاءات هي وأستاذنا الراحل موسيقار الاجيال محمد عبدالوهاب رحمه الله». ومن ناحيته، يقول عبادي الجوهر الذي كنا ايضا اول من نقل اليه خبر رحيل وردة «يا الله.. لقد فاجأتني.. رحم الله وردة وتغشاها برحمته.. كانت بالفعل مريضة جدا وتتحامل على نفسها عندما سجلنا وصورنا الدويتو منذ شهر تقريبا. طبعا هي فنانة كبيرة ارتبط تاريخي الفني بتاريخها في الشهر الاخير من حياتها، لا شك ان الخطوة كانت اضافة لمشواري سيما انني كنت معجبا بخطوتها الاولى في التعامل مع الاغنية والموسيقى السعودية منذ ان قدمت «مقادير» الاستاذين طلال مداح رحمه الله وسراج عمر اطال الله عمره، وإبداع سمو الامير الراحل محمد العبدالله الفيصل رحمه الله».ويقول الموسيقار سامي احسان «تعرفت عليها في بداية الثمانينيات عندما قدمت لي بصوتها واحدا من الالحان التي اعتز بها «موكب الصبر» من كلمات الامير بندر بن فيصل، انها سيدة وفنانة رائعة». ويقول الشاعر عبدالعزيز النجيمي «لا أنسى تلك التجربة المشتركة معها والملحن أحمد السنباطي رحمه الله عندما كتبت لها اغنية مش ح اتغير». سيرة الراحلة ورده محمد فتوكي من مواليد 22/7/1939 في الدائره 18 في باريس لأب جزائري من اسرة «فتوكي» وأم لبنانية من اسرة «يموت». وزعت خلال مشوارها الفني اكثر من 50 مليون اسطوانة وكاسيت، وكانت قد توفيت قبل ثلاثة أعوام ابنة أخيها المطرب نغم فتوكي التي كانت متزوجة من الفنان خورشيد «ابن اعتماد خورشيد». طفولة ورده وفترة الصبا كانت وحتى العشرين عاما الاولى من حياتها في العاصمة الفرنسية متنقلة بين «بولوني» و«بيانكور» و«باريس» وحي «سان ميشيل» الذي لا يغيب عنه السائح العربي لاشتماله على سوق الاطعمة لمختلف مطاعم الامم، وفي هذا الحي درست وردة الابتدائية في مدرسة شارع «سان جاك» في الدائرة الخامسة. ولم تعرف وردة وطنها الجزائر الا في عام نيل الاستقلال 1962، ومنذ ذلك الحين تقدم وردة حفلات سنوية في يوليو في الجزائر لمناسبة عيد الاستقلال. وفي سن الثالثة عشرة غنت وردة للرئيس التونسي الحبيب بورقيبة الذي كان اسيرا في جزيرة دوكروا في بروتاني 1952، وفي بداية الثورة الجزائرية 1954 راحت وردة تغني الاناشيد الوطنية ومنها «يا حبيبي يا مجاهد» وفي عام 1958 غادرت وردة باريس في ذروة حرب الجزائر والتجأت الى بيروت وراحت تطلق الاغاني المؤيدة للثورة وخصوصا «جميلة بوحيرد» و«أنا من الجزائر أنا عربية». وفي الخمسينيات حازت على إعجاب الاسماء الفنية الكبيرة في العالم العربي من امثال محمد عبدالوهاب وتحية كاريوكا وغيرهما من الذين انتقلوا الى مربع ليلي (كاباريه) صغير كان بإدارة اهلها في شارع سان سيفيران، الدائرة الخامسه في باريس، للاستماع اليها واقترح فريد الاطرش يومها ان يحملها الى القاهرة لإطلاقها في المهنة ولكن والديها عارضا ذلك في حينه، الا ان شهرتها الحقيقية انطلقت من القاهرة في ما بعد. ومن الاوراق غير المعروفة عن وردة هو ان فنانا عربيا يدعى احمد تيجاني هو من اكتشف جمال صوتها وهي في الحادية عشرة من عمرها. انطلقت شهرتها الحقيقية من القاهرة التي عادت إليها في بداية السبعينيات لتتزوج بليغ حمدي.. لحن لها كبار الملحنين مثل رياض السنباطي والموجي ومحمد عبدالوهاب وكمال الطويل وبليغ حمدي زوجها الذي كون معها توأمة فنية كبيرة حتى كان الطلاق بينهما، وكان هذا زواجها الثاني بعد زواجها الأول من رجل أعمال جزائري.