لا تقتصر إسهامات المملكة التي جعلتها الدولة المانحة الأولى في العالم على حفظها لتوازن الاقتصاد العالمي واستقراره بل تتجاوز ذلك الدور عبر إسهامها في دعم اقتصاد الكثير من الدول النامية وغير المستقرة كما تشير معظم التقارير المتداولة في مجال الأعمال الخيرية إلى أن المملكة احتلت فعليا المرتبة الأولى من ناحية الصرف على أعمال البر، حيث تنفق عليها 5% من إجمالي الدخل الوطني، تمثل أكثر من 125 مليار ريال سنويا ولا تخفى إسهامات السعودية في نجدة المنكوبين نتيجة الكوارث سواء كان مسببها عوامل الطبيعة أو الحروب وغيرها من المؤثرات ولعل المميز في منح المملكة أنها لم تقتصر على الجماعات بل طالت الأفراد في كثير من الأحيان عبر الحملات الإغاثية السعودية التي دائما ما يكون منطلقها من رأس الهرم في المملكة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز المحفز والدافع الأول لانطلاق تلك الحملات التي وصفها الكثير من المسؤولين والعاملين في مجالات الإغاثة والعون في مختلف دول العالم بأنها الأصدق والأسرع. صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالله بن عبدالعزيز وخلال لقائه مع مدير ادارة العمليات باللجنة الدولية للصليب الأحمر بيير كورنبول في نهايات الشهر الماضي أكد حرص المملكة على تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين والمحتاجين في مختلف أصقاع العالم مبديا استعداد الهيئة للتعاون والتنسيق ما بين الجانبين في تقديم المساعدات الإنسانية الإغاثية لمحتاجيها. واقتصاديا قال رئيس قسم المحاسبة والتمويل في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور علي التواتي ل«عكاظ» أن شعور المملكة بالمسؤولية الاجتماعية تجاه البشرية هو الدافع والمحفز الأول الذي جعلها تطور قدراتها في مجال إنتاج النفط ليكون بمقدورها تملك قدرة إنتاج فعلية تتجاوز 12 مليون برميل في اليوم للسيطرة على رتم السوق واستقراره متى ما استدعت الحاجة لذلك وبالنسبة لأعمال المملكة الخيرية فهي ليست مقتصرة فقط على النفط وأسواقه فهي تمول الكثير من منظمات الأممالمتحدة ومشاريعها المتعددة سواء المتعلقة بالدواء أو الغذاء والإسهام في نجدة ضحايا الكوارث الطبيعية ناهيك عن دعمها للكثير من الدول النامية سواء عبر تقديم إعانات وهبات سنوية بعضها دائم وبعضها مرتبط بمدى الحاجة إضافة الى دعم اقتصاديات العديد من الدول عبر إيداعها مبالغ ضخمة في حسابات تلك الدول وبنوكها ولعل أقرب مثال على ذلك أوامر خادم الحرمين الشريفين مؤخرا تجاه دولة مصر ومدها يد العون بالمساعدات المالية وإيداع المبالغ الضخمة في بنوكها والتي أكدها وزير المالية الدكتور ابراهيم العساف في مؤتمر صحفي عقد قبل أيام في أمانة مجلس التعاون الخليجي قال فيه إن المساعدات لدعم مصر لم ولن تتوقف وقال: بدأ الجانبان السعودي والمصري بالترتيبات اللازمة لتنفيذ حزمة من المساعدات وكان آخرها مع وزيرة التعاون الدولي في مصر فايزة ابو النجا ومحافظ البنك المركزي المصري، وما نيل خادم الحرمين الشريفين والعديد من القيادات والمؤسسات سواء الحكومية أو الأهلية السعودية للجوائز التقديرية في مختلف المحافل الدولية الا إنعكاس لهذا الإنفاق الخيري الهائل. من جهته قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور وحيد هاشم ل«عكاظ» تعتبر المملكة هي الدولة الوحيدة في العالم التي تلتزم بموعدها في سداد الإسهامات المستحقة عليها تجاه مختلف المنظمات والمؤسسات الدولية دون تأخير وفي مسار منتظم، كما أن الحكومة السعودية تساهم بشكل فعال في ميزانيات الكثير من تلك المنظمات والمؤسسات الدولية وهناك علاقة مباشرة بين الإنفاق الخيري الرسمي والأهلي أو ما يمكن أن يطلق عليه الخاص فالمؤسسات الأهلية وحتى الأفراد السعوديين وبتوجيه من القيادة السعودية تسهم بشكل كبير في دعم مختلف الشعوب والأقليات لتظهر ترابط التوجه السياسي الحكومي والأهلي السعوديين وحتى مع ظهور التخوف من استغلال المساعدات والكرم السخي في غير ما يراد منه تمكنت السعودية من وضع الضوابط والآليات التي تضمن أن تصل هباتها سواء كانت حكومية أو أهلية الى الجهات المستهدفة من المحتاجين والمنكوبين وقد نجحت في ذلك بشكل تام. ويعتبر الصندوق السعودي للتنمية خير مثال على ما تقوم به الجهات الحكومية في هذا الجانب عبر تقديم العون المالي للعديد من الدول ولم تتأخر السعودية عبر الصندوق في منح صندوق النقد الدولي مبلغ 15 مليار دولار لزيادة موارده المالية حتى يتمكن من توفير الأموال اللازمة لعمليات الإنقاذ المالي لدول منطقة اليورو وأيضا توفير الدعم المالي لدول الربيع العربي. ومؤخرا أعلن مستشار وزير الداخلية رئيس الحملات الوطنية السعودية للإغاثة الدكتور ساعد العرابي الحارثي تصدر المملكة لقائمة الدول المانحة للمساعدات الإنسانية حول العالم، مقدمة أكثر من 100 مليار دولار للأعمال الإنسانية خلال 30 عاما، شملت 95 دولة، وأوضح الحارثي في تقرير سابق نشرته «عكاظ» أن هذه التبرعات السخية جعلت المملكة الرائدة والراعية الأولى للعمل الإنساني والإغاثي على مستوى العالم، وفقا لتصنيف الأممالمتحدة. وأوضح أن السعودية ساهمت بمبلغ مليار دولار في صندوق مكافحة الفقر في العالم الإسلامي، إضافة إلى مساهمتها في رؤوس أموال 18 مؤسسة وهيئة مالية دولية، إضافة إلى المساعدات غير المستردة والقروض، وهو يمثل ما متوسطه 4% من إجمالي ناتجها القومي السنوي، وهي نسبة أعلى بكثير من النسبة المستهدفة من الأممالمتحدة. وبين أنه في مجال الإعفاء من الديون، سبق للمملكة أن تنازلت عما يزيد على 6 مليارات دولار أمريكي من ديونها المستحقة على الدول الفقيرة، كما ساهمت بكامل حصتها في صندوق مبادرة تخفيف الديون لدى صندوق النقد الدولي. وشرح الحارثي ضمن التقرير تفاصيل ما قدمته المملكة من برامج ومشروعات إغاثية من خلال اللجان والحملات الإغاثية السعودية منذ شهر رجب 1421ه وحتى نهاية شهر ربيع الأول 1433ه، والتي بلغ إجمالي مبالغها 1972435675 ريالا، شملت تنفيذ 161 برنامجا ومشروعات إنسانية لامست احتياجات المتضررين وساهمت بفضل من الله تعالى في تخفيف المعاناة وتضميد الجراح للمتضررين. وتعتبر الحملات الإغاثية السعودية التي يساهم فيها المجتمع السعودي بجميع أطيافه وشرائحة والتي تأتي دوما بدايتها بخطاب أو توجيه من المقام السامي، أي من خادم الحرمين الشريفين، نموذجا فريدا على مستوى العالم وقد شهدت المملكة خلال العقد المنصرم العديد من تلك الحملات التي تتنوع حسب ماهية وطبيعة الحملة فبعضها يكون لأيام وبعضها يستمر لأشهر وتبادر مختلف وسائل الإعلام سواء منها الحكومية أو الخاصة إلى تغطية أحداث تلك الحملات وحث الجميع على الإسهام فيها وبث نتائج الحملات بشكل مباشر وبنقل تلفزيوني حي يظهر فيه ما يحمله المجتمع السعودي من حب لعمل الخير ويظهر بوضوح التفاعل والاستجابة لطلب القيادة ومن تلك الحملات حملات لإغاثة الشعب الصومالي جراء المجاعة والتي شهدت التبرع الأكثر سخاء تجاه تلك الفاجعة التي شهدتها الصومال وحملات إغاثة لمتضرري السيول في الباكستان وتسهم الكثير من المؤسسات الأهلية السعودية في تلك الحملات مثل الندوة العالمية للشباب الإسلامي وهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية والتي تصل خدماتها الى المحتاجين في حوالي 34 دولة عبر العديد من البرامج الاجتماعية والتربوية والصحية ومشاريع التنمية وبرامج الإغاثة العاجلة والتي أكد الأمين العام لها الدكتور عدنان بن خليل باشا أن المملكة تتبوأ مكانة عالمية في المجالات الإغاثية ما جعل منها مملكة الإنسانية، مشيرا إلى أن ما تقدمه المملكة في مجال الإغاثة مقارنة بما قدمته دول العالم يفوق نسبة 4% من الدخل القومي، وتفوق جميع المنظمات على مستوى العالم.