لعقود خلت كان البيت هو المرتكز الأساسي للتربية، فمن خلال التفاعل اليومي بين الطفل ووالديه ومن يشاركه العيش في المنزل من الأقارب تتشكل البنية المعرفية والمكون السلوكي للطفل ونظرا لمحدودية المؤثرات الخارجية بشقها السلبي آنذاك ولوجود القدوة في المحيط الخارجي فقد كانت شخصية الطفل تتشكل وفق نموذج إيجابي في الغالب. ومع بداية دخول التعليم التقليدي للمدن والهجر فقد عمل بتواز مع متطلبات الأسرة من التنشئة وبشراكة تكاملية معها لتحقيق أهداف إيجابية لم يتم الاتفاق عليها علنا ولكنه كان اتفاقا اعتباريا فرضته الثقافة الإسلامية الراسخة في عقلية الطرفين وأدبيات المجتمع على الرغم من بساطته آنذاك. ومع قدوم المدنية الحديثة وماحملته معها من ثورة عالمية بشقيها الصناعي والتكنولوجي وما رافق ذلك من تحسن اقتصاديات العالم فقد انعكس كل ذلك تلقائيا على الأسرة. وعليه فقد دخلت على الخط مصادر جديدة أسهمت في إعادة تشكيل الموروث المعرفي والتربوي السلوكي للطفل ومن هنا فقد أصبح الإعلام المرئي والمسموع والمقروء شريكا للأسرة في تنشئة وتربية الطفل كما أن تحسن اقتصاديات الأسر قد سهل لهم الانتقال للدول بثقافات مغايرة بغض النظر عن هذا الانتقال سواء للعمل أو للدراسة والسياحة. فكانت المحصلة النهائية لهذه المؤثرات المتعددة أن بدأت شخصية الطفل السعودي تتشكل وفق نمط مغاير وبنسبة عالية عما كانت عليه في فترة الأجداد. اعتقادي بأن الجيل الحالي من بنين وبنات هو جيل مظلوم في ظل مطالباتنا منه بممارسات وبأمور حياتية ترضينا دون أن نمد له يد العون أو نسمع منه مايريد. أعتقد بأن على المؤسسات التربوية أن تتبنى مشروعا تربويا مثاليا يسعى لتعزيز الثوابت المجتمعية والمثل الإسلامية و الاعتزاز بالموروث الثقافي وأن تعمل هذه المؤسسات التربوية بالتوازي مع الأسرة ومع الإعلام الداخلي في تبني تنفيذ مكونات هذا المشروع. حسن مشهور (جازان)