في كل مرة يتجدد فيها طلب ورثة مبدع في مجال الأدب والفن مثل إيقاف بث أو إنتاج وإبداع هؤلاء الراحلين، كلما يتجدد السؤال، هل من حق أو وصاية على إبداع المبدعين الراحلين؟ وإذا ما كان ذلك من هو صاحب الحق في هذا المطلب؟ في القبول أو الرفض وتأتي الأجوبة في الغالب .. بمعنى أن من حق الورثة أن يقرروا مواصلة إذاعة وانتشار هذا الإبداع أو رفضه مهما كانت الأسباب وتعددت، وتأتي في بعض الأحيان أصوات معارضة لهذا الرأي فحوى إفاداتها أو اعتراضاتها أن تركة هؤلاء الراحلين إبداع مشاع من حق الكل الاستمتاع به في حياتهم وبعد رحيلهم ومن هنا جاء التباين بين الحالتين، الأمر الذي جعلنا نقف أخيرا على أحدث الحالات المتعلقة بإبداع شاعرنا الكبير الأمير الراحل عبدالله الفيصل، رحمه الله، الذي ارتبط إبداعه الأدبي الجميل بحناجر كبار المطربين العرب مثل السيدة أم كلثوم «ثورة الشك، من أجل عينيك» وعبدالحليم حافظ «سمراء يا حلم الطفولة .. يا منية النفس العليلة، يا مالكا قلبي» ونجاح سلام «يا ريم وادي ثقيف» وطلال مداح ومحمد عبده وغيرها الكثير من الإبداعات، وهو ما تردد مؤخرا حول إيقاف أو منع أو ما شابه ذلك حول إبداعاته؟! وهنا قال نجله سمو الأمير تركي العبدالله الفيصل: «لا الأمر ليس كذلك .. نحن ليس لدينا تحفظ تجاه بث هذا الإبداع وتلك الأعمال الفنية الكبيرة. والأمر هنا مختلف .. أنا أتحدث عني وعن ورثة الوالد الأمير عبدالله الفيصل .. نتحدث عن ما يحدث حاليا من أن أي فنان ملحنا كان أو مطربا لا يحق له أن يتعامل مع دواوين الوالد اليوم ويختار ما يريد ويلحن ما يريد ويطرح ما يريد دون الرجوع إلينا كورثة. حتى لو كانت هذه الاختيارات سبق الحصول عليها والموافقة على أدائها من سمو الأمير الراحل محمد العبدالله الفيصل في حياته نيابة عن الراحل عبدالله الفيصل. قررنا نحن الورثة، وأنا بحكم أني المتحدث نيابة عنهم، أن يعود إلينا أي محب لهذا التعامل مع إبداعات الراحل». هنا يتضح الموقف بالنسبة لتراث الأمير عبدالله الفيصل وأن لا منع أصاب هذا التراث الغنائي الكبير من التداول والاستمتاع به. ومما أثير أيضا أن أبناء وورثة الفنان الكبير فوزي محسون رحمه الله كانوا قد منعوا أو طلبوا من المعنيين بالأمر في الإذاعة والتلفزيون عدم بث أغنياته وتراثه الفني الكبير، وما جعلنا نصدق ذلك أن هذه الوسائل لم تتناول أعمال فوزي المخضب الوجدان المحلى بإبداعها وتمترسها في قلوبنا وفي تراب أزقة وحارات الحجاز تحديدا وكل أصقاع المملكة .. وعن هذا كنا قد التقينا بابن الفنان الراحل فوزي محسون .. إيهاب، الذي زار مقر الجريدة وتحدثنا بمناسبة إقامة حفل تكريم لوالده في جمعية الثقافة والفنون بجدة وحفل تكريم طريف هاشم والأسرة الفنية في المدينةالمنورة بإرث فوزي محسون الكبير فقال عند مواجهتنا له بمنع تراث فوزي الغنائي من البث في وسائل الإعلام: «لا لم يصدر منا، كل الأسرة والأخوان، أن طلبنا من أية جهة عدم بث تراث والدنا الغنائي العظيم الذي ملأ دنيانا فنا عبقريا كبيرا وكان إبداعه هذا متمازجا مع طلال مداح وصالح جلال وثريا قابل وغيرهم كما يعرف الجميع». ولكن الذي نعرفه أو على وجه الدقة أن ما يشاع هو أنكم كإخوة أو أن أخاكم الأكبر إبراهيم الذي يكنى والدكم الراحل به هو من طلب من جهات شرعية وإعلامية عدم بث أغنيات وفن والدكم في وسائل الإعلام؟ لا، هذا لم يحدث قط حتى أخي ابراهيم لم يطلب ذلك المنع والإيقاف. نحن نعتز بوالدنا رحمه الله وبفنه ونسعد به موجودا في الواجهة وفي الإعلام. ولا تعلم إلى أي مدى كانت سعادتنا ونحن نرى تراث فوزي محسون يكرم هنا وهناك. وفي نفس القضية كان قد نشر أيضا أن أقرباء وأبناء أوقفوا بث أغنيات وفن الفنان السعودي الكبير مطلق الذيابي الذي عرف كفنان شامل باسم «سمير الوادي» وكتب ولحن وغنى وقدم الكثير من ألوان الفنون والإبداع، وكان واحدا من أشهر مذيعي الإذاعة والتلفزيون في تقديم البرامج ومنها الأخبار والبرامج الرسمية والثقافية المرتبطة بالأدب. أيضا نفس الحال مع الفنانين الشعبيين مسفر القثامي وفهد بن سعيد ويبدو أن معظم هذه الموانع كانت مصطنعة أو مجرد تهويمات. وقبل هذا وذاك أرى أن الإبداع عند أولئك الكبار لم يكن إلا سببا لنجومية أصحابها وسط هذا المجتمع حتى أن بعض أبناء وأحفاد هؤلاء كانت قد أصابتهم بعض هذه النجومية، والأهم من هذا وذاك أن هذه المواد الفنية والإبداعية ليست ملكا للمبدع نفسه أو لأبنائه في حالتين .. الإبداعية لأنها ملك ووجدان الناس. والمادية لأن الفنان كان قد قبض مقابلها المادي من الدولة ممثلة في الإذاعة والتلفزيون فلا يحق لأحد منع ما ليس له.