تعد الجريدة والصحيفة في الماضي منبعا مهما ومرجعا أساسا ومصدرا موثوقا يوميا يحرص جميع القراء والمهتمين على معرفة وتداول محتواها ومضمونها كونها الوسيلة الإعلامية الوحيدة في ذلك الوقت التي تجمع الأخبار السياسية والمحلية والدينية والثقافية والاقتصادية والأدبية والاجتماعية والرياضية فتجسدها في قالب إخباري يتمكن الجميع من خلالها ترجمة الواقع وبلورة الحدث والقضية بكل يسر وسهولة، كان الجميع يتهافتون على أماكن بيع وتوزيع تلك الصحف من أجل شراء نسخة كل يوم جديد حيث تختلف أذواقهم ومطالبهم فيتصفحونها بكل جدية وهمة وحرص ويحتفظون بالأعداد السابقة كمرجع مهم يستقون منه ما قد يهمهم ويشبع نهمهم ويلبي رغبتهم، اليوم صارت الصحافة الورقية كالغريق الذي يحاول الإمساك بأي قشة قد تجنبه خطر الغوص في أعماق المجهول فتحاول جاهدة تماسك قواها دون جدوى في ظل كثرة وسائل الإعلام الأخرى التي غزت كل بيت وأسرة فالإعلام الإلكتروني كان له نصيب الأسد في ذلك الإغراق فيتمكن المهتم بمجال الصحافة والجريدة من تصفح الصحف والجرائد اليومية قبل نزولها للأسواق المحلية وحتى العالمية بضغطة زر واحدة عن طريق النت والشبكات العنكبوتية فتتبخر معها كل محاولات الصمود والثبات وتقل في نهاية المطاف مبيعاتها ومكاسبها وعوائدها المالية الربحية والتشغيلية وتكون عرضة إلى الإفلاس والانقراض، تعتمد صحافة اليوم في مصادرها ودخلها ومنابعها وعائداتها وأرباحها على الإعلانات اليومية التي أخذت حيزا كبيرا من اهتماماتها حيث بدأت تلك الإعلانات تضيق مساحة الفائدة التي يتطلع لها كل قارئ وهذه خطوة مهمة وخطيرة لم يتنبه لها كثير من القائمين على إدارة شؤونها لم يعد المتصفح العادي يهتم بالصحافة الورقية كون أوراقها قد ركزت في أخبارها اليومية على التعزية والتهنئة وابتعدت عن رسالتها الأساسية وهدفها السامي الذي أسست من أجله ، ولعودة الصحافة الورقية لسابق عهدها ورونقها وبريق لمعانها يتطلب من القائمين على إدارتها وتصريف شؤونها سرعة إيقاف بثها على النت والشبكات العنكبوتية مبكرا حتى يتم توزيع الصحف والجرائد الورقية ومن ثم تنزيلها بعد عصر كل يوم على المواقع الإلكترونية وبتلك الطريقة سوف تعود الصحافة الورقية لسابق عهدها وسوف تحقق عوائدها وأرباحها ومقاصدها وأهدافها. علي عايض عسيري (أبها)