بين طلبات المحبين وهواياتهم، يعيش سوق الطيور في مكةالمكرمة وبين ردهاته العديد من القصص والغرائب. رصدتها عدسة «عكاظ» بعد تقمص المحرر لشخصية «بائع طيور»، كشف من خلالها العديد من خبايا هذا السوق، هنا محب يبحث عن طير يهديه هدية لخطيبته، وهناك شاب يحمل طيرا من فصيلة نادرة، ولكن العديد من الخفايا لاتزال قابعة في ممرات سوق، يحمل اسرارا مخيفة وأخرى غريبة. يعد سوق الطيور في مكةالمكرمة، من أشهر الأسواق بالمملكة، يحتضن أكثر من 30 محلا بالإضافة إلى اشتماله على ساحة واسعة، يقام فيها حراج بيع الطيور، يزوره عشاق هواية تربية الطيور من أرجاء المملكة، وأحياء مكة وضواحيها لبيع عشرات الأنواع من فصائل الطيور النادرة، لعل أشهرها البغدادي والرقاص والبلجيكي، والقطاف والوحشي والباكستاني. تختلف طرق البيع في سوق الطيور، بالإضافة إلى وجود بعض المخالفات التي يخفيها المتمرسون في السوق، وتنوعت أساليبهم بين ترويج مخدرات، وتواعد المطلوبين من أرباب السوابق بطرق غريبة، والغريب في الأمر أن هناك أساليب أيضا في بيع المريض من الطيور، ونسبها إلى مسميات كاذبة يسقط ضحيتها غير الملمين بخبرة الطيور. مرحلة الاكتشاف بداية، جلبنا قفصا وفيه أنواع عادية من العصافير التي يتراوح سعر الواحدة منها خمسة ريالات، وتم عرضها على رصيف السوق، وقمنا بجذب عدد من مرتادي السوق، أحدهم طلب تعريفا عنها، الأمر الذي دفعنا لمخالفة الحقائق، وقلنا: «هذه العصافير من فصيلة فرنسية نادرة وسعر الواحدة مائة ريال ولها العديد من المميزات مثل أصواتها الجميلة صباحا». وبادر أحد المرتادين في العشرين من عمره، بدفع مبلغ ألف ريال لشراء عشرة منها إلا أنه تفاجأ حينما كشف له محرر «عكاظ» هويته، وتم تحذيره من الانسياق خلف أكاذيب الوافدين في السوق لكل صغيرة وكبيرة فيه وغادرنا مبتسما. الكشف عن الهوية، دفع المحرر إلى تغيير زاوية البيع، أحد الشباب السعوديين في الثلاثين من العمر لديه محل لبيع الطيور، تبرع بأن يكمل محرر «عكاظ» جولته داخل المحل، بعد استئذانه منه، ليمارس بيع الطيور بدلا عنه لمدة نصف ساعة، مما دفعه للموافقة شريطة أن نعرف بأنفسنا حال انتهت مهمتنا رغبة منه في عدم تشويه صورة محله لتتضح لزبائن المحل الصورة واضحة. بدأت مهمتنا في محل الشاب مع زبون دلف إلى داخل المحل، يرمق بعينيه زوايا المحل بحثا عن طير نادر، بادره المحرر بترحيب حار، سائلا إياه عن رغبته، حيث كان طلبه الحصول على طير، كاشفا عن نيته تقديمها إهداء لحبيبته، وتم على الفور جلب طير، واصفين له النسب، أب سوري من أم فرنسية وألوانه تختلف بين الليل والنهار وسعره 300 ريال، وكان الاستعداد حاضرا لكتابة اسمه، واسم حبيبته على جناحي الطير، فجاءت النصيحة قبل أن يدفع الشاب ثمن الطير «الخرافة». زحمة إجازات يظل السوق الذي يشهد تواجدا كثيفا لمختلف الفئات العمرية، وتوافدا ملحوظا في فترة الإجازات، ويروي فهد الأحمدي: «سوق الطيور بجرول من أقدم الأسواق بالمملكة وأشهرها، ويزخر بعشرات الفصائل والأنواع النادرة، واستمد سوق الطيور والحمام بجرول شهرته أثناء وفود الحجاج إلى بيت الله الحرام، وجلبهم أنواعا من الطيور معهم». وأضاف: «عدد من عشاق تربية الطيور والحمام يغتنمون عطلة نهاية الأسبوع، لجلب طيورهم، وعرضها للبيع بالإضافة إلى شراء البعض مما يجدونه مناسبا». غطاء الطيور تحدث في السوق العديد من الممارسات الممنوعة مثل بيع المخدرات وتبادلها، مستغلين، اوقات إقامة الحراج يومي الخميس والجمعة، وسبق أن وقعت العديد من الخلافات أمام الزبائن بين عدد من المروجين، في ظل غياب الرقابة الأمنية. خداع القطط بين ردهات السوق، كان هناك فتى يافع يبحث عن هوايته المحببة في تربية القطط، يرافقه أحد أقرانه، واجدا ضالته لدى محرر «عكاظ» الذي بادره القول: «إن سعرها باهض، وإن كنت تبحث عن قطط أخرى عليك مرافقتنا إلى مستودع مجاور، فيه العديد من أنواع القطط الأوروبية وبأسعار بسيطة». توجس الفتى خيفة من عرض القطط الأوروبية، وقال: «أحد زملائي في المدرسة تعرض لتحرش جنسي قبل عدة أشهر بسبب حمامة في هذا السوق». الأمر الذي دفعه لمغادرة القطة وبائعها. قصة عشق أكد الشاب فهد الأحمدي بأنه ومنذ نعومة أظافره، يعشق تربية الحمام، ويسرد قصته: «في كل يوم خميس وجمعة أذهب إلى سوق الطيور والحمام بجرول، للبيع أو الشراء، لتوافر أنواع شتى وأصناف مختلفة من الطيور والتي من أشهرها البلجيكي والرقاص كذلك الوحشي والقطايف، والبغدادي، والباكستاني والشبرا»، مشيرا إلى أن حجاج بيت الله الحرام كانوا سببا رئيسا في جلب العديد من الطيور وعلى رأسها الببغاوات والصقور. وأشار إلى أن أسعار الحمام تختلف باختلاف أنواعها وأصنافها فهناك أصناف من الحمام ب(25) ريالا وأخرى تزيد عن ال(2500) ألف ريال، موضحا بأن الاختلاف يرجع إلى نوع الطيور وفصيلتها، مطالبا أمانة العاصمة المقدسة بأهمية إنشاء سوق جديدة للطيور. وأوضح أحمد بن ساير العتيبي، بأن للسوق حكاية عشق تجبرهم على القدوم إليه في كل نهاية اسبوع، وقال: «من بعد صلاة فجر الخميس استقل سيارتي، واتجه إلى جرول، أو بعد صلاة عصر الجمعة، أمارس هوايتي في بيع أو شراء الطيور، وإذا لم تكن زياتي للتجارة فإن التنزه هناك يكفيني»، مشيرا إلى أن سوق الحمام متنفسا وملتقى لهواة الطيور، ومتابعة مايستجد في عالمها، وأضاف: «نحن نبحث دائما عن الجديد. وهذا المكان المناسب لاقتناص كل ماندر». من جهتها ذكرت الأمانة أنه سوق متطور فيه العديد من المحلات المنظمة والصيدليات البيطرية التي من خلالها يتم القضاء على البيع العشوائي والغش سيقام في جنوب العاصمة المقدسة. من جانبه بين الناطق الإعلامي لشرطة العاصمة المقدسة المقدم عبدالمحسن الميمان بأن الدوريات الأمنية، تنفذ جولات مستمرة على مختلف المواقع والأسواق التي تشهد تواجدا كثيفا، مشيرا إلى أن سوق الطيور يعتبر ضمن أحد أهم المواقع.