كنت أنوي التوقف عن الحديث عن جدة القديمة بعد مقالي السابق، لولا أن لفت انتباهي الصديق الدكتور توفيق رحيمي أنني قد نسيت أن أذكر أحد أهم مجالس جدة القديمة، وهو مجلس الشيخ حسونة البسطي. والحقيقة أنني أنقل فقط ما كتبه الأستاذ صالح العمودي عن هذه المجالس، فأنا لم أعاصرها ولم أجد عنها سوى ما كتبه الأستاذ صالح. ولكن بعد البحث والتقصي، وجدت أن مجلس الشيخ حسونة البسطي هو فعلا أحد المجالس المشهورة في حارة الشام بجدة القديمة، وكان من أهم رواده الأمير عبدالله الفيصل، وبعض آل باناجة، منهم الشيوخ سليمان وعبدالعزيز باناجة، وسفيان ويحيى وعبداللطيف وعبدالسلام باناجة، ومحمد حسين أصفيهاني ومحمد نور رحيمي وإبراهيم رضوان. وكما قلت سابقا، يصعب حصر جميع تلك المجالس والمقاعد التي اشتهرت بها جدة القديمة في مقال واحد، ولكن من أشهرها على سبيل المثال: • مقعد الشيخ أحمد علي يحيى في حارة البحر، ويرتاده الشيوخ نعم ملا، أحمد زهيري، عبد الحمن باجنيد، عمر قشلان، أحمد الخياط، الشيخ صالح أبو داود. • مقعد السيد محمد السقاف في حارة اليمن، ويضم كلا من الشيوخ محمد مسعود، صالح كيال، محمد المرزوقي، محمد علي أشرم، محمد خميس، والدكتور محمد أمين مغربي. • مقعد الشيخ محمد سعيد عتيبي في حارة الشام بجوار بيت البترجي، ويضم كلا من الشيوخ هنيدي عتيبي، عمر عبد ربه، أحمد قنديل، عبدالحميد مطر، عبد العزيز مطر، وعمر هزازي. • مجلس الشيخ محمد صالح محمود في حارة البحر، ويضم كلا من الشيوخ عبدالرزاق عجلان، محمد علي رضا، محمد جار، حسين شقيري، أحمد الحجي، محمد خشعان، ونزيه محمود. • جلسة بيت التركي في حارة البحر بجوار بيت عباس شربتلي، وتضم كلا من محمد نور تركي، قاسم ويوسف وسليمان تركي، كامل حلمي، ومحمد الغامدي. • جلسة سعيد باديب في حارة المظلوم، وتضم كلا من حسن وجيه، عبدالله صابر، علي محسن، مشهور باعشن، محمد علي أصفهاني، وعبدالرحمن باعشن. • جلسة الأستاذ محمد حسن عواد في حارة البحر، وتضم كلا من إبراهيم الهندي، محمد الهندي، محمد سعيد باعشن، ومحمود عارف. • مركاز الشيخ سليمان أبو داود في حارة البحر بجوار مقابل بيت الشيخ عبدالله موسي بخاري، ويضم كلا من طه غيث، أحمد باجسير وهاشم عزوز. • مقعد الشيخ درويش رقام في حارة البحر بجوار بيت يحيى، ويضم عبدالله غراب، محمد خياط، حامد أبو الحمايل، محمد راجخان، محمد سعيد كابلي، مبارك باقحوم، ومحسن كيال. • مقعد حسين فايز في حارة المظلوم بجوار بيت أحمد بغدادي، ويضم محمد فايز، وكامل فايز، ومحمد منصوري، وحسين ناظر، ورزق الله بن يزيد. كانت هذه المجالس والمقاعد نموذجا رائعا للتواصل والتقارب الوجداني بين رجال وعوائل جدة وسكانها، وكانت بمثابة منتديات ثقافية واجتماعية يومية، يتم خلالها تبادل الحديث في شتى المجالات من أدب وثقافة إلى تجارة وسياسة وتاريخ، بالإضافة الى مناقشة قضايا عامة وخاصة، وحل أي خلافات شخصية أو عائلية إن وجدت في الحي أو بين الأحياء. هو إرث جميل، لا بد من توثيقه جيدا والحفاظ عليه في ذاكرة المستقبل، فهؤلاء الرجال هم امتداد مباشر لأصل وجذور مجتمع جدة، وهم الرواد الذين وضعوا الأساس الثقافي والاجتماعي لمدينتهم العريقة.