أكد القاضي بوزارة العدل الدكتور ناصر بن داوود، أن مبدأ استقلال القضاء مدعوم من قبل الدولة في مواضع عديدة، منها أن النظام الأساسي للحكم في مادته 46 نص على أن القضاء سلطة مستقلة ولاسلطان على القضاة في قضائهم لغير سلطان الشريعة الإسلامية، إضافة إلى التأكيد على استقلال القضاة في المادة الأولى من نظام القضاء؛ ونصها «القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية ، وليس لأحد التدخل في القضاء». وأبان أن مما يدعم المبدأ ذاته النص على أن التدخل الشخصي في شؤون القضاء من الجرائم التي يعاقب عليها كبار رجالات الدولة؛ كما في المادة (5) من نظام محاكمة الوزراء، وفيها: النص على توقيع عقوبة السجن لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات على أي وزير في الدولة يرتكب هذه الجريمة. ولفت إلى أن الأوامر الملكية المعممة لا تزال تؤكد على جميع الجهات الحكومية عدم التدخل في القضاء، وأن القضايا من حين دخولها مكتب القاضي وحتى صدور الحكم من اختصاص القاضي وحده، وأن على القاضي عدم الاستجابة لطلبات سحب المعاملات من المحاكم قبل الحكم فيها من أي مسؤولٍ، وكل ذلك يعزز مبدأ الاستقلال المقرر. وقال ابن داوود: أما ما يلتبس على الكثير حول سلامة تطبيق هذا المبدأ من كون تعيين القضاة لا يكون إلا بأمر ملكي: فلاشك أن ذلك من باب إعلاء شأن القضاء؛ حتى لا يدخل حماة من لا يستحقه، بل إن النظام أوجب في المقابل أن لا يكون عزل القاضي إلا بأمر مماثل؛ حتى لا يساء استخدام الحق من نواب ولي الأمر على القضاء، ولولا هذا التحوط لكان التعيين في القضاء مغنما والعزل عنه مغرما ممن لا خلاق لهم، وما دام أن القاضي ليس له أن يولي نفسه، ولا يوليه من لا ولاية له؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه، فقد وجب أن تكون توليته من ذي ولاية عامة. الوزارة والمجلس وفيما يتعلق بتكليف وزير العدل الدكتور محمد العيسى مؤخرا برئاسة المجلس الأعلى للقضاء، قال القاضي سابقا بديوان المظالم والمحامي حاليا محمد بن سعود الجذلاني: إن سلطة القضاء عملها الأحكام القضائية وهذه مستقلة ومنفصلة تماما عن سلطة إدارة القضاء المتمثلة في وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء نظرا لكون المجالس القضائية في تكييف الدستوريين تمثل في حقيقة الأمر صحة وصواب ما نشر عنه مؤخرا من أن هيئة الخبراء كيفت المجلس الأعلى للقضاء على أنه هيئة إدارية وليس سلطة قضائية. وأضاف: يبقى أن نظرية الفصل بين السلطات تقوم أساسا على أنظمة حكم تخالف المفهوم الإسلامي لولاية الأمر، فهي تقوم على وجود ثلاث ولايات أمر لا واحدة، وكل ولاية منفصلة عن الأخرى تماما بمعنى لا يوجد ولي أمر ومرجع واحد للجميع كما في نظام الحكم الإسلامي، فإذا صار ذلك ففي نظرياتهم لا قيمة للفصل بين السلطات ما دام هناك مرجعية واحدة هي صاحبة القرار، لكن هذه النظريات إزاء استحالة هذا التطبيق (لأنه يمثل في الواقع ثلاث دول داخل الدولة) اضطرت للتكامل والتعاون فيما بينها دون أن تتدخل كل واحدة في عمل الأخرى، ولذلك يستحيل في أي فلسفة دستورية أن يكلف وزير العدل رئيسا للمحكمة العليا، لأن هذا هو مناط ومتعلق استقلال السلطة القضائية، فالقضاء مستقل في أحكامه، ويستحيل أن تتدخل السلطة القضائية أو التنفيذية في قرارات سلطة البرلمان، وهذا لا نقاش فيه.